الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مشكلة التخيلات وأحلام اليقظة لدرجة أنها أثرت في عبادتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على جهودكم الجبارة في إفادتنا في أمور ديننا ودنيانا، جعلها الله في ميزان حسناتكم.

أنا فتاة، عمري 23 سنة، ظروفي الاجتماعية جيدة والحمد لله، ملتزمة بديني، وأسعى دائما للالتزام أكثر إن شاء الله، لكن مؤخرا صرت أعاني من مشكلة وهي: أنني كلما تعرفت على شخص جديد مثلا زميلة أو زميل، أو التقيت أحد أقاربي وتحدثت معهم، أبقى دائما أتخيل أنهم معي بعدما أرجع للبيت، وأتخيل أنهم يتحدثون معي: (طبعا وأنا مدركة أنهم غير موجودين)، وأنهم يراقبونني في أعمالي، وأبقى أفكر فيهم وأؤلف قصصا، وأتحدث معهم سرا، وأحيانا بصوت مرتفع.

المشكلة تفاقمت أكثر عندما صار التفكير فيهم أثناء قيامي بالعبادات، خاصة أثناء تلاوتي للقرآن، أتخيل كأنهم في البيت، وأنهم يسمعونني ومن غير إدراك أجد نفسي أحسن من قراءتي، أخشى أن يكون هذا تعلق بغير الله؟ مع أنني عندما أقرأ تكون نيتي لله ومن أجل الأجر.

حاولت مرارا الابتعاد عن هذه التخيلات، لكن دون جدوى، خاصة وأنها تستنزف أغلب الوقت خلال يومي، مثلا عند ركوبي المواصلات لا أستطيع الذكر أو المطالعة بسبب أحلام اليقظة هذه، وحتى في المحاضرات أحيانا، وقبل أن أباشر صلاتي أبقى حوالي 10دقائق أو أكثر شاردة أنسج قصصا وتخيلات، وبسبب هذا أصبح تركيزي يقل، وعلى عكس ما كنت من قبل أصبحت كسولة، وغلب علي طبع التسويف والمماطلة، وقلت عزيمتي على القيام بالأعمال وممارسة هواياتي، ودائما أشعر بتأنيب الضمير وألوم نفسي كثيرا.

أسأل الله أن يغفر لي، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تعانين منه هو نوع من أنواع الوسواس القهري الذي يأتي في شكل صور وأحداث تتكرر مع الشخص ويعيش معها، ولا يستطيع أن يتخلص منها، وهكذا.

وطبعًا في حالتك هذه الصور أو هذه الأحداث تكون نابعة من الواقع، أي أشخاص رأيتهم أو تحدثت معهم، تتكرر صورهم كأنك تعيشين معهم – كما ذكرتِ – وتتكلمين معهم.

هذا نوع من أنواع الوسواس – أختي الكريمة – وعلاجه مثل علاج أي نوع من الوسواس، وفي حالة هذا النوع من الوسواس يستجيب للعلاج السلوكي، والعلاج السلوكي يكون بالتجاهل، أو بعدم الاستغراق في هذه الأشياء، أول ما تبدأ معك تحولين تفكيرك أو اهتمامك إلى شيء آخر، ويا حبذا لو يكون هذا الشيء الآخر شيء عملي وحركي.

ثانيًا: تجنّبي أن تختلي مع نفسك كثيرًا، لأن هذه الأشياء دائمًا تحصل والشخص يكون لوحده، وكلما كنت مع أهلك وأهل بيتك وتعيشين حياتك كلَّما خفَّت هذه الأشياء.

الشيء الثالث أيضًا الذي يمكن أن تعمليه: الالتزام بهوايات، وكما قلتُ: هواية تكون حركية، وحاولي حتى ولو كانت صعبة أن ترجعي إليها مرة أخرى، وطبعًا الذي أصابك الآن من تأنيب ضمير وهذه الأشياء هو نوع من أنواع الاكتئاب، ومعروف أن الوسواس القهري يكون مصحوبًا دائمًا بأعراض اكتئاب، والاكتئاب في أحيانٍ يكونُ مصحوبًا بأعراض وسواس قهري، ولكن في حالتك هو وسواس قهري، وكما ذكرتُ يحتاج إلى علاج سلوكي، ولا تحتاجين إلى أدوية في الوقت الحاضر، والوسواس أصلاً لا يستجيب على أي حال للعلاج الدوائي.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً