الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بضيق في التنفس وقلق شديد بعد إصابة أحد أقاربي بسكتة قلبية

السؤال

السلام عليكم
أحب أن أشكر جميع القائمين على هذا الموقع الكبير.

كنت أعاني منذ 5 سنوات من ضيق تنفس، وذهبت إلى أكثر من طبيب، قالوا ليس هناك شيء لضيق التنفس، ولكن آخر طبيب ذهبت إليه منذ الخمس سنوات قال سوء هضم ويسبب ضيق التنفس، ولكن الحقيقة كان هناك قلق منذ سمعت خبر وفاة أحد الأشخاص بسكتة قلبية، منذ الخمس سنوات بدأت رحلة المرض، ولكن لا أعلم هل هو مرض عضوي أم نفسي، ومن هنا بدأ القلق والخوف.

ذهبت إلى طبيب آخر قال ارتجاع مريء، وبعد أكثر من سنة ظهرت جرثومة المعدة، ولكن أشعر أنني أفضل بعد أخذ العلاج، ولكن ما أعاني منه الآن القلق، وترقب النفس، وأكون قلقا من أن أعمل أي مجهود، وفي بداية الأمر ظهرت لدي انتفاخات في الحوض، قال الطبيب الذي قال سوء هضم هذه غدد لمفاوية، ولم يكتب لها علاجا، ولكن مر عليها خمس سنوات وقل حجمها.

منذ أن سمعت بوفاة مؤسس شركة مايكروسوفت بسبب الغدد اللمفاوية ذهبت سريعا إلى الإنترنت وبحثت عن هذا المرض، ومن هنا ازداد القلق، عملت صورة دم تحليل cbc وكان الأمر طبيعيا، وكان هذا يعتبر أول صورة دم بعد الخمس سنوات.

والآن أعاني من القلق والخوف من الغدد، وأنني بعد سنوات قليلة سوف أصاب بهذا المرض، والآن أعاني من ضيق تنفس مختلف، عندما أتنفس ببطء من أنفي أجد شيئًا يقف في أسفل صدري، ونبض قلبي ليس سريعا، وأشعر براحة عند أخذ النفس من الفم، وأستيقظ ليلا، وأول شيء أفعله أتحسس ضربات القلب والتنفس، وهذا بعد أن أستيقظ على عطش وضربات قلب سريعة.

ذهبت إلى الطبيب قال هذا بسبب القولون العصبي وليس لها علاقة بالقلب، قلت له: أعمل رسم قلب؟ قال: أقسم لك أن الأمر ليس متعلقا بالقلب، ولا أعرف ماذا أفعل!

أذهب لكل طبيب يقول ليس بك شيء، ولكن ماذا عن ضيق التنفس وازدياد القلق بعد معرفة مرض متلازمة غيلان بارية، عندما عرفت هذا المرض خفت، تذكرت أنني أشعر بتنميل في وجهي، ولكن هذا لا يظهر إلا عندما أكون قلقا جدا، ويذهب، وأشعر ببطء في حركات جسمي، وأنا خائف من الإصابة بمرض في الأعصاب، والجميع يقول لي: أنت خائف، لماذا هذا القلق؟ وقد نزل وزني، وتغيرت ملامحي، وأنا مقبل على الزواج، أشعر أن حياتي تدمرت.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الغني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية.

أحسنت في أن أرسلت هذه الرسالة لنا في استشارات الشبكة الإسلامية، لأن حالتك بالفعل تستحق المساعدة، وذلك بالرغم من أنها حالة بسيطة إن شاء الله تعالى.

هذه الحالة التي تعاني منها نسمِّيها بقلق المخاوف، والقلق والخوف أصبحت ظواهر منتشرة وسط الناس، خاصة فيما يتعلَّقُ بالصحة، وذلك لأن الأمراض كثُرتْ، وموت الفجاءة كثُر، والناس أصبحت في شيء من عدم الاطمئنان والوسوسة حول المرض، فلا تلومنَّ نفسك أبدًا على ما تعاني منه، هذه ظواهر معروفة، وأنا أؤكد لك أنه ليس لديك مرض عضوي، أنا أعرف أن تأكيدي هذا قد لا يُقنعك مائة بالمائة، لكن أرجو أن تثق فيما أقوله لك.

الضيق الذي يأتيك في التنفُّس ليس مرضًا في القلب أو مرضًا في الرئة أو أي مرضٍ عضوي. هنالك ظاهرة معروفة لدينا في علم الطب النفسي، وهي أن القلق النفسي الداخلي حتى وإن كان بسيطًا يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم التي تتأثر هي عضلات القفص الصدري، وعليه حين تحدث هذه الظاهرة – أي: انقباض عضلات القفص الصدري – تحس كأنه لديك ضيق في النفس أو كتمة – كما يصف هذه الظاهرة بعض الاخوة والأخوات الذين يأتون في العيادات – والإنسان يكونُ مشغولاً خاصة حين يسمع بوفاة هنا وهناك، وهذا يؤدي إلى نوع من التماهي – أي الإنسان يحس كأن الذي وقع على فلان أو علان سوف يقع عليه.

بالنسبة للخوف من الموت: الموت نخاف منه – يا أخي – لكن خوفًا شرعيًا، لأن الموت حق، والآجال بيد الله، والإنسان لن يعيش ثانية واحدة أكثر ممَّا مكتوب له أن يعيش، ونعمل لما بعد الموت، وهذا هو الذي يشرح الصدور، ويجعل الإنسان يعيش الحياة بأملٍ ورجاء وطمأنينة.

اسعَ لأن يكون تفكيرك على هذا المستوى، وأنا دائمًا أنصح الناس بالحياة الصحية، لأنها تُطمئن الناس كثيرًا إذا طبقوها. الحياة الصحية تتطلب الآتي:
أولاً: أن يلتزم الإنسان بكل أمور دينه، خاصة العبادات وعلى رأس الأمر الصلاة على وقتها، وبرّ الوالدين.

ثانيًا: أن تنام نومًا مُبكّرًا، وأن تتجنب النوم النهاري، وأن تمارس الرياضة، وأن تنظم وقتك، وأن تهتمّ بغذائك، وأن تتواصل اجتماعيًا، وأن تجتهد في دراستك في مرحلتك الدراسية هذه وفي غيرها. أيها الفاضل الكريم: هذه تعطيك الشعور بالأمن والأمان، لأنك تعيش حياة صحيّة.

وعليك أيضًا أن تذهب وتقابل الطبيب مرة واحدة كل ستة أشهر، أو مرة واحدة في السنة، طبيب الأسرة، وتجري الفحوصات الطبيعية والعادية، هذا يُطمئنك كثيرًا.

أنا أراك – أيها الفاضل الكريم – محتاجًا لدواء مضادًا لقلق المخاوف. إن كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن كان ذلك صعبًا بالنسبة لك شاور والديك حول تناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، ومن الأدوية التي أصفها للناس وهي مفيدة عقار (سيرترالين) يُسمَّى (لسترال) أو (زولفت)، ويوجد منتج في مصر يُسمَّى (مودابكس) أيضًا نعتبره جيدًا ومفيدًا، ويتميز بأنه رخيص الثمن نسبيًا، تبدأ فيتناول الدواء بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا، تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين يوميًا – أي مائة مليجرام – تتناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر الأخرى، ثم تجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن الدواء.

أرجو أن تعيش الحياة بقوة وأمل، وطبِّق ما ذكرتُه وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً