الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب دمرني رغم مقاومتي.. فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم.

أرجو أن تفيدوني في حالتي هذه.

أنا أعاني من الاكتئاب منذ أربع سنوات، ولم أبدأ العلاج إلا قبل سنة، أخذت بروزاك، وتحسنت حالتي في الأول، وتغيرت كثيرا، وأيقنت أن الاكتئاب كان مؤثرا جدا على حياتي، وبعدها انتكست، وعدت كما كنت، وأكثر، وحاليا آخذ دواء السترالين (البروزاك لم يعد متوفر في البلاد).

أشعر بالتعاسة، وأن الحياة لا معنى لها، وأشعر دائما بضيق شديد في صدري، ولقد قرأت قبل هذا أن الاكتئاب لا يوجد له حل نهائي، فقد أعاني منه طوال عمري، فهل هذا صحيح؟

أما بالنسبة لحالتي الآن: فأنا أكره كل شيء، وكل شخص، ولا أدري لماذا، وأشعر أن الجميع بلا استثناء يكرهونني، ودائما أشعر أنني لا أنتمي لهذه الحياة، وأكره أي شخص، ولا أستطيع متابعة أي برنامج، وكرهي لأي شخص جعلني أغير الدكتور النفسي ثلاث مرات، فدائما أكره الدكتور، وأرى أنه غير جيد، وذلك بدون سبب، والله لا أعلم لماذا أنا هكذا.

أخبرتني طبيبتي أن علي قراءة قصص سعيدة، ولكني بعيدة كل البعد عن هذا، فعندما أرى أشخاصا سعداء أشعر أنهم يكذبون على أنفسهم، ولا أستطيع أن أرى أي شخص عظيما، أحتقر الجميع، وأولهم ذاتي.

الأفكار السلبية التي تراودني لا تعد ولا تحصى، والاكتئاب دمرني بالكامل، لا أجد معنى للحياة، ولا أجد أهمية من أي فعل أقوم به، أستيقظ كل يوم وأنا أدعو الله أن أموت، كما أني أكره الجامعة جدا، ولا أطيق المكوث فيها، وأحيانا أفكر لو والداي توفيا؛ كيف ستكون حالي، وأتضايق وأبكي كثيرا، وأخاف جدا من المستقبل، ولا أحب التفكير فيه أبدا.

أشعر أني لا أريد شيئا من هذه الدنيا، ولا أريد العيش، لا يوجد أي شيء يمكنه أن يعدل مزاجي، علما أنني أصلي صلواتي والحمد لله، وأقوم الليل، وأقرأ القرآن، وقد بدأت في الحفظ، لكني لا أستطيع تقدير أي شيء أقوم به، وأنا حتماً لا أنتمي لهذه الحياة، فقدت طموحي، وفقدت كل شيء، لا يوجد ما يسعدني.

أرجوكم: هل هناك حل لحالتي هذه؟ أم أنني سأعيش هكذا للأبد؟ أحس أنني أقل بكثير من الجميع، ويجب أن أختفي لأنني أضايقهم، وأرى الحياة وكأنني لست جزءًا منها، أراقب فقط ولا أتفاعل.

شيء آخر: أحيانا أحس أنني أدعي المرض، وكل ما أصابني فمن نفسي، وأني ألعب دور الضحية، وأذهب لأهلي وأحيانا ألتقي بصديقاتي، وأطبخ وأتعلم الفرنسية، وأفعل الكثير من الأشياء، ولكن لا شيء أحبه، وأحاول أن أتغلب عليه، ولا أستطيع أبداً، وإذا كان هنالك شي يمكن أن يساعدني فرجاء أخبروني، أمي وصديقاتي يتحدثون معي كثيرا، ولكن بدون فائدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله أنك تقاومين مرض الاكتئاب بصورة طيبة، رغم المعاناة، والحمد لله أنك ملتزمة على الصلاة وتقرئين القرآن، بل تحفظين القرآن، هذه كلها أشياء طيبة ويجب عليك المداومة عليه، وتخرجين مع صديقاتك، وتحاولين كثيرًا، ولكن ما زالت هناك أعراض للاكتئاب -أختي الكريمة-: الإحساس بالدونية، الإحساس بأنك أقلَّ كثيرًا من الناس، والأفكار السلبية، كل هذه أعراض للاكتئاب، وتحتاج إلى علاج.

للأسف الشديد البروزاك -كما ذكرتِ- اختفى، وقد يتواجد مرة أخرى، فحاولي متابعة هذا الأمر، لأن الشخص دائمًا إذا تحسَّن على دواء فإنه يتحسّن عليه مرة أخرى، وبالذات مضادات الاكتئاب، ولكن إذا لم تتحصّلي على البروزاك - والسيرترالين استعملته لمدة شهرين ولم يحصل أي تحسُّن -فعليك بتناول مضاد للاكتئاب آخر، ولعلَّ (أحيانًا) -أختي الكريمة- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات مثل الـ (إمبرامين) يكون مفيدًا، لأن الإمبرامين له خصائص مثل البروزاك، فهو يُنشِّط ولا يجعل الشخص يحسّ بالخمول.

فتناولي الإمبرامين -إن لم تجدي البروزاك- بجرعة ثلاث حبات في اليوم (خمسة وسبعين مليجرامًا) أو حتى أربع حبات (مائة مليجراما) قد تكون مناسبة لك -أختي الكريمة- وعليك بالالتزام والمتابعة مع طبيب نفسي واحد، حتى يفهم المرض ويحاول مساعدتك.

وأيضًا لا تحتاجين لنصائح مثل قراءة كتب السعادة، لأنك لا تملكين شيئًا في الاكتئاب، تحصل غصبًا عنك، والأفضل النصح بالعلاج سلوكي معرفي، العلاج السلوكي المعرفي مع العلاج الدوائي قد يكون مفيدًا جدًّا في الاكتئاب، بالذات أنك إنسانة تقاومين، فالعلاج السلوكي المعرفي قد يفيدك كثيرًا في التغلب على هذه الأعراض التي ما زالت معك، مع تناول الدواء.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً