الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتار بين دراسة الهندسة والطب.. ما نصيحتكم؟

السؤال

أنا شابٌ صاعد إلى الجامعة، وحصلت في الثانوية العامة على معدل 88.6، وأنا الآن أمام مشكلة اختيار التخصص.

المشكلة أنني منذ الصغر وأنا أود دراسة الهندسة، والحمد لله بإمكاني أن أحصل على هذا التخصص في بلدي، ولكن والدي عرض علي دراسة الطب في الخارج، وأنتم تعلمون مكانة الطب، فأرجو أن تزودوني برأيكم آخذين في الحسبان ما يلي:

1- لطالما أردت أن أكون ليس فقط عنصراً فاعلاً في خدمة الإسلام، بل أكبر من ذلك بكثير، كاستثماري عظيم، أو كمن عبر عنه الحديث الشريف الذي فيما معناه (أن الحسد لا يكون إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً....ورجلٌ آتاه الله علماً...) وأنا لم يؤتني الله علماً.

2- عندنا في الأردن أكبر نسبة بطالة هي بين المهندسين، وإذا أردنا التحدث عن أفضل التخصصات في الدخل المادي فهو الطب، فبعض الأطباء يصل دخلهم إلى أكثر من 50 ألف دولار في الشهر، فضلاً عن المكانة الاجتماعية، مع العلم بأن بعض المهندسين ذو دخل ممتاز، ولكن في أغلب الأحيان أقل من الطبيب.

3- هناك نقطة أخرى، وهي أن الطب خدمة إنسانية، فلذلك هو أفضل من غيره في تفريج الكربات عن المسلمين، عملاً بالحديث الشريف الذي مطلعه: (أحب الناس أنفعهم للناس..... وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل).

4- المعضلة أني لا أحب مواد الطب، ودراسته طويلة تصل إلى 15 سنة، وأنا أحب تخصص الهندسة، وربما أكون إنساناً مبدعاً فيه، أنا خائف من أني لا أستطيع إكمال الطب بسبب كرهي لمواده!

أعتذر على الإطالة، وأرجو الرد سريعاً لكي أستطيع التسجيل، فالمقاعد محدودة.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يلهمنا جميعاً السداد والرشاد، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

شكراً لك على هذه الرغبة في خدمة الإسلام والمسلمين، ولا يزال الإنسان بخير ما عمل الخير ونوى فعل الخير، وهنيئاً لك بالنجاح ونسأل الله أن يرزقك الفلاح.

لا شك أن رغبة الإنسان لها الدور الأساسي في التخصص الذي يدرسه؛ لأن الإنسان إذا أحب تخصصا معينا ووجد فيه نفسه وتناسب مع مواهبه وقدراته التي منحها له الوهاب، استطاع أن يبدع وأن يأتي بالجديد والمفيد، والإسلام يحتاج إلى شباب مؤمن في كل مجالات الحياة، وإذا صدق الإنسان في نيته استطاع أن يخدم دينه ووطنه وأهله، ولا يخفى أن أبواب الخير واسعة.

وأرجو أن لا يكون هدفنا من طلب العلم هو الكسب المادي فقط، وهذا هو الذي عطَّل كثيراً من المبدعين والمتفوقين عن مواصلة العلم، والإنسان لا يزال عالماً ما طلب العلم، وإذا أحسن الإنسان اختيار الجانب الذي سوف يتخصص فيه فإنه يستطيع بتوفيق الله أن ينفع وينتفع، والإسلام محتاج لمهندسين في مجال الكمبيوتر وهندسة الاتصالات.

ومشكلة كثير من المبدعين أنه لا يواصل الدراسة خاصة إذا وجد وظيفة، ونحن في عصر التخصص الدقيق الذي أصبح الناس فيه لا يهتمون بمجرد الدراسة الجامعية، بل إن بعض التخصصات لا تأخذ وضعها الحقيقي إلا إذا نال صاحبها شهادات عليا في مجاله.

ونحن نرى أن الأفضل أن تذهب إلى المجال الذي تحبه، وأرجو أن يتفهم الوالد رغبتك والأرزاق بيد الله، وكلٌ ميسر لما خلق له، ومن واجبك إرضاء الوالد وتطييب خاطره والاجتهاد في بره والإحسان إليه.

وإذا لم يتبين للإنسان وجه الصواب فإنه يصلي صلاة الاستخارة، ويسأل من بيده الخير أن يوفقه للخير، ونوصيك بتقوى الله والحرص على طاعته، واعلم أنه لا خير في علم ولا عمل بلا تقوى، وأحسن من قال:

لو كان في العلم من دون التقى شرف *** لكان أشرف خلق الله إبليس

وتوجه إلى من يجيب من دعاه، والتزم بالإكثار من ذكره وكن في صحبة من والاه وسار على نهجه وهداه، وتأسى برسوله ومصطفاه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً