الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يعين على ترك التدخين

السؤال

لي صديقٌ حميم، أريده أن يترك السيجارة وأن يتفانى لدينه، علماً بأنه هو السبب الحقيقي في اهتمامي بديني، فكيف أجعل من نفسي وصديقي وأصحابي دعاة مخلصين لدينهم وبالذات في هذا البلد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يوفقك ويبلغك مُناك، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فشكراً لك على هذا الوفاء لصديقٍ دلك على منهج السماء، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل أولو الفضل، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!

وأرجو أن يعرف هذا الصديق أن السجائر قد بات ضررها وظهر أثرها، الأمر الذي جعل من كان متردداً في تحريمها بالأمس ينطق به اليوم، فقد ثبت أنها سببٌ لموت الملايين، وأنها تدمر الرئة وتصلِّب الشرايين، وهي قبل ذلك تُغضب رب العالمين، الذي بُعث فينا نبياً، يحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث، وشرع لنا ديناً يمنع الضرر والضرار، ولا يخفى ما في الدخان من إهلاك للنفس، والله تبارك وتعالى يقول: (( وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ))[النساء:29]، ويقول: (( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ))[البقرة:195]، وقبل سنوات اتفق أكثر من خمسين طبيباً أمريكياً على ما اشتملت عليه السجائر من أضرار، وطالبوا بوضع الدخان ضمن قائمة المخدرات المطاردة وأهلها أمنياً، إلا أن أصحاب الشركات والمصالح وقفوا في طريق تنفيذ ذلك القرار، ومما ذُكر في ذلك المؤتمر: (إن شرب سبع سجائر متصلة فيها جرعة مخدر تكفي لموت إنسان) فكيف إذا علمت أن بلداً أوروبياً كافأ شركة غربية؛ لأنها صدّرت لبلادٍ إسلامية نوعية من السجائر نسبة السموم فيها عشرين ضعفاً عن تلك التي توزع في ذلك البلد الأوروبي، فأرجو أن نأخذ حذرنا، فنحن أمة تُحَارب في طعامها وشرابها ودوائها، وصدق الله: (( وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ))[آل عمران:118].

وقد جاءت الشريعة للمحافظة على الكليات الخمس التي هي: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، وشُرب الدخان مخالف للدين، ومتلفٌ للنفس، ومؤثرٌ على العقل، ومضيّع للمال، وفيه أذىً وضرراً بالغاً لأقرب الناس وأحب الناس للإنسان الذين يتأثرون أكثر من المدخن.

وقد قال بعض العلماء: (لو أن إنساناً أشعل النيران في الأموال لعُد من المجانين، فكيف إذا أشعل النار في الأموال وأدخل الدمار والأذى على جسده؟!!) ومما يُعين هذا الأخ على ترك الدخان ما يلي:

1- معرفة حكم الله في الدخان وكل شيء يضر بالإنسان.

2- الوقوف على الأضرار الصحية المترتبة على شرب الدخان.

3- إدراك الأذى الذي يلحق المصلين والأطفال والزوجات من شرب الدخان، وروائحه المنتنة.

4- إدراك المسئولية عن المال بين يدي الله: (...وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟).

5- معرفة المكونات الخطيرة للسجائر، والتي منها بعض المبيدات الحشرية.

وأرجو أن تتخذ أسلوب طيب في نصح هذا الأخ الذي فيه صفات طيبة وحرص على الطاعة، وقلْ له: ما أحوج هذه الصفات الطيبة إلى أن يترك صاحبها الدخان!

والمسلم يستطيع أن يخدم دينه بحسب تخصصه ومعرفته، والمسلم الحق داعية بكل كلمة يسمعها ويفهمها ثم يبلغها، فَرُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع، ورُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وقد أمر الرسول الشاهد أن يبلغ الغائب.

ونحن نحتاج أن نكون إيجابيين؛ وذلك بأن نقدم ما نستطيعه لخدمة ديننا، وأن نبذل الأوقات والمواهب والأموال خدمةً لديننا، ومن الضروري أن نتذكر أن أهل الباطل يجتهدون في نصرة باطلهم، فكيف نقصر ونحن نحمل هذا الهدى والنور؟!

والله ولي الهداية والتوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً