الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أخطأت باعترافي لمعلمتي بأني معجب بها؟

السؤال

السلام عليكم.

لدي مشكلة، أنا في تركيا منذ شهرين، ولم أر سوى معهد واحد لتدريس اللغة، المشكلة أنه كانت هناك معلمة تكبرني بثلاث سنوات، أعجبت بها كثيراً، وأصبح لدي تعب نفسي من كثرة التفكير فيها، حتى قررت أن أعترف لها، عندما اعترفت لها غضبت كثيراً، ووبختني كثيراً، وأعطت المحادثة لإدارة المعهد، فتفاجأت في اليوم التالي بأن المدير يريد أن يراني، فذهبت له، فقال لي إن معلمتك قالت لي لا أستطيع تقبل هذا الطالب في الصف، فحاولت كثيراً لأتواصل معها وأعتذر منها، لكنها قامت بحظري، والآن إن لم أعد إلى المعهد سيتدمر مستقبلي؛ لأنه إذا لم أتعلم اللغة لن أستطيع الدخول إلى المدرسة، فما الحل؟ وهل أخطأت؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdulkarim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك -أخي الكريم- ورداً على استشارتك أقول:

من خلال استشارتك وأنك في السابعة عشر من عمرك، وهذا يعني أنك في سن المراهقة؛ أقول: إنه من المبكر جداً أن تفكر في الحب والزواج، خاصة وأنت لا تزال غير قادر على تحمل مسؤولية أسرة، ولا زال مشوارك في تلقي العلم طويلاً.

بما أنك أتيت إلى تركيا من أجل طلب العلم، فأوصيك أن تجعل همتك عالية، فأمتك وبلدك بأمس الحاجة إليك، واحذر أن تقنع وتكتفي بالتخرج من البكالوريوس، ولكن واصل دراستك العليا، واختر أحسن التخصصات.

قبل أن تتحدث عن الحب والزواج عليك أن تفكر كثيراً في مستقبلك، وكن على يقين أن رزقك لن يفوت، فمن كانت من نصيبك فلن يستطيع أحد أن يأخذها منك سواء كانت هذه الفتاة تركية، أو من بلدك، أو من أي بلد آخر؛ لأن ما قدره الله لك هو الذي سيكون، فكل شيء في حياة الإنسان يسير وفق ما قضاه الله وقدره.

كن على يقين أن الزواج لا يأتي بشدة الحرص، ولا يفوت بالترك، وبهذا تعيش مطمئناً، ولعل ما حصل معك يعلمك دروساً كثيرة تستفيد منها في بقية مشوار حياتك.

يبدو أنك لم تبحث ولم تتيقن من أن هذا هو المعهد الوحيد الذي يعلم اللغة، والذي أعرفه أن هنالك معاهد كثيرة، خاصة وأن تركيا استقبلت أعداداً مهولة من العرب بعد الأحداث التي حصلت في العالم العربي، وأبناء تلك الجاليات يلزمهم تعلم لغة البلد حتى يستطيعوا العيش والتأقلم مع المجتمع التركي، ولذلك أنصحك بالبحث والتواصل مع بقية زملائك الذين يمكن أن يدلوك على معهد آخر، خاصة إذا كنت في مدينة كبيرة، ولعلّ المدة القصيرة التي قضيتها في تركيا لم تمكنك من التعرف على تلك المعاهد.

يمكنك التعرف على تلك المعاهد من خلال البحث في جوجل، فكثير من هذه المعاهد تعلن عن نفسها وتدل على مواقعها.

لكن قبل هذا لو أنك تكتب رسالة اعتذار لتلك المدرسة وترسلها مع أحد زملائك أو عبر بريدها الإلكتروني إن كنت تعرفه، أو يمكنك الحصول عليه، وتبين لها ندمك وتعهدك ألا يتكرر ذلك منك، وأن استمرارك في المعهد مهم لمواصلة تعليمك، وتبين لها وضعك، فلعل الله يلين قلبها، فإن لم تتمكن من مراسلتها فابعث رسالة إلى مدير المعهد، وتشرح له ظروفك، وتبين له اعتذارك للمعهد والمدرسة فلعل الله يجعل لك الفرج.

إن ما حصل منك تجاه تلك الفتاة خطأ ولا شك، وإلا فهذا معهد لطلب العلم الذي يحتاج منك أن تستجمع فكرك، وليس مكاناً لتشغل تفكيرك بالحب، وعلى كل حال هذا أمر مقدر عليك وما عليك إلا أن تتقبل ما حصل، واحذر من تكرار مثل هذا.

أوصيك أن تجتهد في تقوية إيمانك من خلال برنامج مكثف في الأعمال الصالحة: من صلاة، وصوم، وتلاوة قرآن، وذكر؛ فذلك سيكون نوراً لقلبك، وسبباً في استجلاب الحياة الطيبة بإذن الله: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

لعلك -إن شاء الله- توفق في معهد آخر، وستدخل الجامعة، وهنالك سترى فتيات كثيرات، وهذا مكمن خطر عليك ما لم تحصن نفسك وتركز ذهنك على التحصيل العلمي.

نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً