الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من السب والكذب وغيرها من الأخلاق السيئة وأبِّر بأمي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا شيخ أمي تقول دائما: (مكتوب عليّ الشقاء)، وأنا لا أجادلها، لكن أحيانا أتخاصم معها على أسباب تافهة! وقرأت أن سورة المزمل تذهب الغضب، وقرأت كذلك أن القرآن لِما قُرِأ له، فأيهما أصح؟

أريد أن أتخلص من السب والكذب وغيرها من الأخلاق السيئة، فبماذا تنصحني؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك -أختي العزيزة-، وأهلاً وسهلا بك في الموقع، وأسأل الله أن يفرج همكِ وييسر أمركِ، ويشرح صدرك، ويرزقك التوفيق والسداد وسعادة الدارين ... آمين.

تعلمين أنه لا تخلو الحياة عامة والحياة الأسرية أيضا من وجود مشكلات ومكدرات ومنغصات (ولقد خلقنا الإنسان في كبد)، إلا أن الواجب على المسلمة مهما كانت الظروف تجاه ربها طاعته سبحانه، ومن طاعته سبحانه طاعة والديها ووالدته بصورة أخص؛ كونها تجالسها أكثر وتشاركها أعمال البيت من نظافة وطباخة وغيرهما، مما يستلزم منك استشعار المسؤولية وحملها بصبر وشكر ورضا بالقدر.

أوصيك -حفظك الله- بالتعامل مع والدتك بمحبة ورحمة، ومما يساعدك في ذلك استحضار فضل والدتك عليك وفضل طاعتها، واحتمال خدمتها وخدمة البيت، وأنك في كل ذلك في طاعة وعلى أجر وثواب.

وأما قول والدتك عنك بأنه (كتب عليك الشقاء)، فهو كلام ولا شك لا تقصده، وإنما تقوله العامة تعبيرا عن غضبهم، لاسيما الأم نبع الحنان، لكنه من جهة ثانية مخالف للشرع؛ لأن أمر الغيب وكون الإنسان مكتوبا فيه شقي أو سعيد خاص بالله تعالى، قال سبحانه: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)، ولعلها تقصد أن من طبيعتك الشقاء لا التكهن بالغيب، وهو أمر يمكن تفهمه كتعبير منها عن الغضب منك -حفظها الله وعافاها- وذلك لكبر سنها ومسؤولية البيت ومشكلات وضغوط الحياة.

والمهم أن تجتهدي في طاعة والدتك قدر الإمكان، ومحاولة تغيير فكرتها عنك، وإرضائها وإدخال السرور عليها، وترك مجادلتها ورفع الصوت عليها أو سوء الأدب معها -والعياذ بالله-، والحرص على طلب دعائها ورضاها، فالخير والبركة والجنة تحت قدميها -وفقك الله-.

ومما يساعدك في التحلي بالأخلاق الحسنة وترك السب والكذب وغيرهما، الحرص على تنمية وتعميق الإيمان بالمحافظة على الصلوات في وقتها، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، ولزوم الصحبة الصالحة، وأذكار الصباح والمساء، وقراءة القرآن الكريم، واستماع المحاضرات والدروس والبرامج المفيدة، وقراءة الكتب النافعة، واستحضار فضل الله تعالى عليك وفضل الوالدين والموت والجنة والنار وحقارة الدنيا، مع ضرورة الحرص على النجاح في حياتك ودراستك وأن تعيشي حياتك بطاعة وسعادة.

تذكري أنك في مرحلة عمرية وضغوط أسرية قد تدفعك للغضب، فاحرصي على التخفيف من الضغوط بالاشتغال بدراستك وأعمالك وما ينفعك في دينك ودنياك، والترويح عن النفس بالرياضة والنزهة وزيارة الصديقات الطيبات.

جاهدي نفسك ولا تقنطي من إصلاح أخطائك، وثقي بنفسك وبربك سبحانه، واستغفريه واستعيذي به من الشيطان الرجيم (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّه إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

وأما بصدد وجود سور معينة من القرآن تذهب بالغضب، فلا يصح تعيين سور معينة، لكن القرآن كله والأذكار والأعمال الصالحة تشرح الصدر وتطمئن النفس، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).

فالله الله في لزوم الصبر والطاعات والدعاء والأذكار.

فرج الله همك، وكشف غمك، ويسر أمرك، ورزقك الصبر والسداد والخير والصواب والرشاد.. آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً