الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب موقف أصبت بالرهاب الاجتماعي، فكيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا في السنة الأخيرة من الثانوية، تعرضت لمشكلة قبل سنتين في المدرسة، الموضوع طويل ولكن اختصاره في آخر لحظة خفت جدا أن أقع في موقف محرج لو لم أذهب إلى الحمام، وإلى هذا اليوم أنا متأثرة، أجلس أحيانا أفكر في ذلك اليوم، ولكن ظننت أنني سأتخلص من خوفي لو غيرت مدرستي، وبالفعل انتقلت ولكن لم يتغير الكثير.

تحدثت إلى طبيب نفسي، أخبرني أنه رهاب اجتماعي، ظللت فترة شهر ونصف أتحدث إليه، ولكن الآن توقفت، وإلى اليوم أخاف وأتوتر، وبسبب ذلك اليوم تغيرت حياتي بالكامل، لم أعد أخرج من المنزل إلا إلى المدرسة، وفي المدرسة أتوتر في الصف، وأخشى الهدوء وأوقات الامتحان.

ولكن بسبب فيروس كورونا الآن نحن في المنزل، وأريد أن أطور نفسي، بقيت سنة على تخرج الثانوية، كنت قد فكرت أن أترك المدرسة ولكن تراجعت، هذا الخوف والأفكار جعلني تعيسة وانطوائية بشكل حاد.

عائلتي لا تهمني كثيرا، أمي تعرف القليل عن ما يحدث لي، لكنها لا تفهمني أبدا، لهذا هي تظن أنني مزعجة، وباقي أفراد أسرتي يزعجونني بكلامهم مثل: يا انطوائية، يا كئيبة، ولا أهتم في الواقع، ولكن أريد أن يساعدني أحد، أريد أن أعيش حياتي وأتخلص من هذه الأمور، لست راضية عن حياتي.

أتهرب من الواقع بمشاهدة برنامج الأنمي المفضل لدي، إنه مهربي الوحيد، معجبة به جدا، ومع ذلك أفراد أسرتي يسخرون مني لأنه عبارة عن خيال، لا يفهمون أنني أكره الواقع، وأني لا أريد أن أصبح نسخة عنهم، هذه هي طريقة حياتي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كاثرين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

قلق المخاوف أمرٌ شائع جدًّا، وهو بالطبع مكتسب – أي متعلّم – والقوانين السلوكية تقول أن أي شيء مكتسب يمكن أن يُفقد من خلال التعليم المضاد.

أنت مطالبة حقيقة أن تتفاعلي مع أسرتك، وأن تبتعدي عن برنامج (الأنمي الخيالي)، هذا ليس أمرًا جيدًا، هذا يبني لديك الكثير من الخيالات وأحلام اليقظة، وبالفعل يُبعدك عن نفسك، أنت من خلال هذه المشاهدات المنعزلة تُعزّزي المخاوف، وتُعزّزي حقيقة التباعد عن أسرتك، وهذا أمرٌ مرفوض جدًّا، هذه خطوة أساسية يجب أن تتخذها، وأنت ذكرت أنك تواصلت مع معالج نفسي لفترة طويلة، وهذا أمرٌ جيد، أنا أريدك أن تُطبّقي كل الإرشادات السلوكية التي ذكرها لك، ومن ناحيتي أقول لك: يجب أن تكوني إيجابية في أفكارك وفي مشاعرك، وفي أفعالك.

غيّري منهجك هذا، وحتى موضوع الحجر المنزلي يمكن أن يُستفاد منه كثيرًا، وكثيرًا من الأسر جلستْ مع بعضها البعض وحصل تفاهم أفضل وحُلّت الكثير من المشكلات، أعرفُ من الأسر؛ هنالك من الأسر التي أنشأت حِلقًا للقرآن ما بين أفراد الأسرة، بعض الأسر تُناقش مواضيع يومية، مواضيع مفيدة وجادة، وهكذا، مارسي رياضة داخل المنزل، حافظي على الصلاة في وقتها.

بهذه الكيفية أنا أعتقد أنك تستطيعين تغيير حياتك، وأنا أراك أنك محتاجة لدواء، الدواء سوف يُساعدك كثيرًا، والدواء سوف يُثبّط درجة القلق والخوف بصورة كبيرة، ممّا يتيح لك فرصة التفاعل الإيجابي.

تحدّثي مع والدتك، وكوني قريبة منها، لأن الإنسان لا بد أن يكون له منافذ يُفرّغ من خلالها الأشياء المكتومة في صدره وفي نفسه، والكتمان ليس أمرًا جيدًا، ووالدتك هي الأقرب وهي الأفضل لتفهمك ولتساندك، ويمكن أن تذكري لها أنك تعانين من قلق المخاوف، وقد نصحناك بتناول أحد الأدوية البسيطة، يمكن أن يصفها لك الطبيب، ومن أفضل الأدوية التي سوف تفيدك عقار (سبرالكس)، أنت تحتاجين له لمدة بسيطة، تبدئين بخمسة مليجرامات – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تتناولينها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة شهرين، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً