الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية دعوة غير المسلم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لي صديق (أجنبي) أكلمه منذ فترة طويلة على الإنترنت، وفي إحدى المرات حدث أن تكلمنا عن الدين، وكم تفاجأت عندما قال أنه لا يؤمن بوجود الله !!

قال إنه لا يتبع أي ديانة معينة، ويعتقد أن الدين وضع لغسل عقول الناس والتحكم بهم، وأنه يعتقد أن كل إنسان يستطيع أن يفعل الصواب بمجرد فعل الخير مع الناس .

في الحقيقة لقد صدمت بعد سماعي كل هذا الجهل، وقررت أن أحاول أفهمه بيسر، إذ أعتقد أن أمثال هؤلاء يجب أن يرد عليهم بطريقة مغايرة لأنهم تربو على الجهل والكفر.

أتمنى أن ترشدوني إلى كيفية الرد عليه، وسأكون لكم شاكراً .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

أخي السائل: بارك الله فيك، وأكثر من أمثالك.

اعلم أن نشر الدعوة الإسلامية واجبٌ على كل مسلم بالقدر الذي يطيقه، وفي حدود العلم الذي يعلمه، غير أننا يجب أن نعلم أن الدعوة الإسلامية ليست مجرد كلمات تردد، أو خطب تلهب حماس الناس، ولا فلسفة تخاطب العقول فقط، ولكنها دعوة علمية تبعث في أتباعها الحس والحركة، وتبث على الناس ما تتطلع إليه نفوسهم وتتشوق إليه عقولهم وقلوبهم من راحة وطمأنينة في النفس وخير ورشاد في واقع الحياة.

ومعلوم أن الضلال الذي يعيشه العالم الغربي نابع في الأساس من تحريف اليهود والنصارى لكلمة التوحيد الخالصة (لا إله إلا الله).

واعلم أخي أن القرآن الكريم له منهج رشيد في خطاب غير المسلمين؛ لأن الله تعالى هو خالقهم وهو أعلم بهم من أنفسهم، لذا يجب علينا كدعاة إلى الله تعالى أن نتبع كل أسلوب يوصلنا إلى قلوب الناس؛ حتى لا نتعارض مع دعوتنا، ولا نصطدم بقواعد الدين، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، فالحكمة هنا هي الحجج القاطعة الصحيحة والأدلة اليقينية الموضحة للحق.

وفي هذه الحالة يستدعي الأمر استخدام الاستراتيجيات الثلاث للإقناع، وهنا يتطلب منك أخي عدة أمور فكرية بجوار العدة الروحية والأخلاقية، والدعوة عطاء وإنفاق.

وأنت أخي الآن بمثابة الداعية إلى الله تعالى، فأنت بحاجة إلى زاد حتى تقنع غيرك بطرحك، فأنت محتاج إلى فهم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والتوحيد، وهذه تحتاج إلى ثقافة إسلامية، وأنت أيضاً بحاجةٍ إلى ثقافة تاريخية لتعرف تاريخ الأمة الإسلامية خاصةً وتاريخ الإنسانية عامة، وبحاجة إلى ثقافة أدبية ولغوية، فإنها لازمة اللسان وصحة الأداء والفهم أيضاً، وأما الثقافة الإنسانية فهي مدى إلمامك بأصول ما يعرف بالعلوم الإنسانية (الاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة والأخلاق) .

أما الثقافة العلمية فهي تساعدك على فهم الحياة المعاصرة؛ لأن بعض الغربيين يتخذ هذه العلوم للتشكيك في الدين، وكذلك الثقافة الواقعية المستمدة من واقع الحياة الحاضرة وما يدور به الفلك في داخل العالم الإسلامي وخارجه.

واعلم يا أخي أنك إذا تسلحت بهذه الثقافات ستكون لك بإذن الله تعالى إستراتيجية لإقناع الغير، ولقد استخدم أعداء الإسلام هذه الوسائل لضرب الأمة الإسلامية في عقر دارها.

ورحم الله تعالى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين عملوا على نشر الدعوة في أرجاء العالم كافة، رغم مشقة الأسفار وحواجز اللغة، وبدائية الوسائل، منطلقين في كل ذلك من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية))، ومنطلقين كذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: ((نضّر الله امرأ سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع))، وقوله: ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النعم)).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً