الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس القهرية وإمكانية تحولها إلى فصام

السؤال

أنا فتاة عمري 20 سنة، طالبة جامعية، مشكلتي تبدأ منذ الصغر، حيث أني دائماً أتوهم الأمراض وأخاف منها، منذ 4 سنوات أصبت بدوار شديد وأنا في الجامعة، مع ضيق في التنفس وتسارع ضربات القلب، فهرع بي والدي إلى المستشفى وأجريت الفحوصات اللازمة وكانت سليمة ولله الحمد، وتكررت النوبات كثيراً، فشخصت من قبل والدي -وهو طبيب- وبمساعدة طبيب نفسي، مع أني لم أزره بل فقط شرح له والدي الموضوع على أنها نوبات فزع، مع العلم أن والدي يعاني منها منذ أكثر من 25 سنة، ووصف لي دواء تريبتيزول 24 ملجم يومياً، أصبت بعد ذلك باكتئاب شديد ولم أعد أخرج من المنزل خوفاً من تكرر النوبات مرةً أخرى، ولكن عندما بدأ مفعول الدواء بدأت النوبات تخف أو على الأقل أستطيع السيطرة عليها ومقاومتها، لكن الاكتئاب ظل مصاحباً لي ولا أدري لماذا!!
بعد ذلك بسنة بدأت تنتابني وساوس متعلقة بالدين، وأصبحت أسأل نفسي: لماذا الإسلام هو الدين الصحيح وليس النصرانية؟ ومن خلق الله؟ إلى آخر ذلك من الوساوس الدينية، ولم أكن أعلم وقتها أنها وساوس مرضية، وقد أزعجتني كثيراً لكني تغلبت عليها دون مساعدة من أحد.

المشكلة الكبرى بدأت منذ سنتين، حيث بدأت تنتابني وساوس متعلقة بالعنف، فأصبحت أخاف من دخول المطبخ خوفاً من استخدام السكين لإيذاء نفسي أو أهلي، وأخاف من قطع الطريق خوفاً من أن ألقي بنفسي أمام سيارة مسرعة، وعند ركوب السيارة أخاف أن أفقد صوابي وعند فتح بابها ألقي بنفسي، وعند الذهاب إلى مكان للأواني المنزلية مثلاً أخاف أن أقوم بتكسير الأشياء أمامي، وأحياناً أحس برغبة عارمة بالصراخ، وأخاف أن أنسى نفسي وأصرخ أمام الناس في الأماكن العامة، وعندما أتكلم مع شخص وجهاً لوجه أخاف أن أفقد السيطرة على يدي فأضربه، وأخيراً أصبحت أحس بشعور غريب!! أحس كأني في حلم ولست في الواقع، أحس كأن أطرافي منفصلة عن جسدي وأن كل شيء حولي ليس واقعياً حتى الناس، وكأني مخدرة، وأخاف وأنا على هذه الحال أن أتكلم كلاماً خطأ، أو أن أؤذي أحداً، مع العلم أن ذلك لم يحدث من قبل بل على العكس تجدني أشارك بالحوارات مع أهلي ولكن كأني لست في هذه الدنيا!!

وعندما أنام في الليل -وأنا أشارك أخي الصغير في الغرفة-، تجدني أبتعد عنه قدر الإمكان؛ خوفاً من أن أقوم بخنقه دون شعور، مع أنني شديدة التعلق به وبكل أهلي ولا أتخيل حياتي بدونهم!!
ذهبت إلى طبيبة نفسية وشخصت حالتي على أنها وسواس قهري، ووصفت لي فافرين 50 ملجم وسبرام 40 ملجم وتفرانيل 20 ملجم، والأخير وصفته لي لأني أشتكي من اضطراب النوم والتقلب كثيراً خلال الليل، ولقد ارتحت كثيراً لهذه الطبيبة وأثق بها كثيراً والحمد لله.

في الأخير: أصبحت أقرأ كثيراً عن الأمراض النفسية، وعرفت الفرق بين الوسواس القهري والفصام من حيث الهلاوس السمعية والبصرية، واستبصار المريض بحالته، ورغبته في العلاج، ومنبع الوساوس، وأؤكد لكم أن منبع وساوسي من نفسي وليس من أحد يحرضني (أقصد بذلك الهلاوس السمعية) وأرغب في العلاج والتحسن إن شاء الله، ولكني أصبحت أخشى أن يأتي يوم وأسمع فيه هلاوس سمعية، أو أن أقرر فجأة الامتناع عن أخذ الدواء رغم رغبتي التامة في مكافحة المرض فأصبح مصابة بالفصام، وهذا آخر شيء أريد حدوثه!!! (أستطيع أن أعتبر الخوف من الامتناع عن الدواء تابعاً للوسواس القهري؛ لأني أعلم أني لن أمتنع عنه إلا باستشارة الطبيبة).

أرجو أن تدرسوا حالتي وتخبروني هل من الممكن أن يتحول الوسواس القهري إلى فصام بشكل عام وبحالتي أنا بشكل خاص؟وما نسبة الشفاء من المرض، حيث أحس أني وصلت إلى مرحلة لا يمكن الشفاء منها؟!!

ملاحظة: بدأت العلاج تحت إشراف الطبيبة منذ شهرين، وأحس بتحسن طفيف بالنسبة للوساوس، لكن الشعور بعدم الواقعية أحس به 24 ساعة يومياً فما تفسير هذا الشعور؟
أرجو الرد سريعاً، وتقبلوا تحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

جزاك الله خيراً على سؤال .

النوبات التي أصابتك قبل سنوات هي ما يعرف بنوبات الرهاب أو الفزع القلقي كما ذكر والدك وبعدها من الواضح أن تتكون عندك الكثير من الوساوس والمخاوف والتي أدت إلى شعور بالإحباط وفقدان الثقة بالنفس، أرجو أن لا تنزعجي لهذه المسميات فزع، رهاب، وساوس، اكتئاب، فهي كلها مرتبطة بخلل كيميائي بسيط في كيمياء الدماغ والمادة التي ربما يكون حصل فيها نوع من القصور في إفرازها تعرف باسم سيروتونين وقد وجد أن بعض الأشخاص لديهم استعداد لمثل هذه التغيرات البايلوجية .

أهم علاج للوساوس هو أن يحاول الإنسان أن يقاومها وأن يخالفها وأن يحقرها ويقوم بعمل مضاد لمحتوياتها.
وأود أن أطمئنك وأؤكد لك تماماً أن كل الأبحاث أشارت أن المريض لا ينفذ وساوسه حين تدعوه إلى أي نوع من العنف حيث أن مرض الوساوس يتمتعون بكفاءة عالية فيما يعرف بالأنا العليا (لديهم اكتفاء في مستوى القيم والفضيلة).

الشق الثاني بالنسبة للعلاج هو تناول الأدوية المضادة للوساوس والتي تفيد أيضاً في علاج المخاوف والقلق والاكتئاب.

بالنسبة للعلاج المعروف باسم تربتيزول لا يعتبر علاجاً مثاليا للوساوس وقد وجدت الآن أدوية أكثر فعالية وأكثر سلامة وقليلة الآثار الجانبية وهذه الأدوية كثيرة في الوقت الحاضر ولكن أفضلها هو عقاري البروزاك والفافارين وعليه أود أن أنصح لك بأن تبدئي بتعاطي 50 ملج فافارينليلاً وبعد الأكل لمدة أسبوعين ثم ترفع هذه الجرعة بواقع 50 ملج كل أسبوعين أيضاً حتى تصل الجرعة إلى 200 ملج ليلاً، وفي خلال شهرين إذا لم تشعري بتحسن حقيقي يمكن إضافة الدواء الآخر المعروف بإسم بروزاك والجرعة العلاجية هي 20 ملج صباحاً .

مدة العلاج لمثل هذه الحالة يجب أن لا تقل من 6 – 9 أشهر وبحمد الله تعالى يتم شفاء حوالي 90 % من المرضى وهذه تشكل نسبة عالية جداً ونسأل الله تعالى أن يشفيك .

وأود أن أؤكد لك أنه لا علاقة مطلقاً بين الفصام الذهاني والوساوس القهرية حيث أن مريض الوساوس مستبصر بينما يفتقد مريض العضام الارتباط بالواقع.
نسأل الله لك عاجل الشفاء والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً