الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الاكتئاب والقلق بدون أدوية؟

السؤال

السؤال الأول: هل الرياضة تعادل مفعول بروزاك؟
وسؤالي الثاني: هل توجد طرق لإخراج الغضب المكبوت، والمشاعر المكبوتة القديمة؟
السؤال الثالث: هل توجد تمارين لتبلد المشاعر؟
السؤال الرابع: هل إذا تركت الاكتئاب والقلق وما عالجتهم بالأدوية تسبب أمراضاً خطيرة؟

أخاف أن أفقد عقلي أو أموت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونشكرك على مشاركاتك، فأنت دائمًا لك مشاركات ممتازة، والآن طرحت أربعة أسئلة إن شاء الله نحاول الإجابة عليها.

بالنسبة للسؤال الأول: هل الرياضة تعادل مفعول البروزاك؟
الرياضة مفعولها ممتاز جدًّا، وفي بعض الأحيان قد يكون أفضل من مفعول البروزاك وغيره من الأدوية، ولا توجد دراسات مقارنة بين الاثنين، لكن معروف أن فعالية الرياضة جيدة جدًّا، وممتازة جدًّا، وكثيرًا ما يكون دواء مثل البروزاك مُكمّل لفعالية الرياضة وتكون الرياضة مكمّلة لفعالية البروزاك.

سؤالك الثاني: هل توجد طُرق لإخراج الغضب المكبوت والمشاعر المكبوتة القديمة؟ نعم، عن طريق التعبير عن النفس، وعن طريق التفريغ النفسي، الإنسان يحاول أن يُعبّر عن ذاته أول بأول، هذا شيء أساسي، وتلقائيًا ستخرج الأشياء المحتقنة القديمة، النفس لها محابس إذا فتحناها -إن شاء الله- كل شيء محتقن سوف يخرج، لذا نقول للناس دائمًا عبّروا عن أنفسكم في حدود الأدب والذوق، ولا تسكتوا أو تصمتوا على الأشياء الغير مُرضية، فإذًا هذه وسيلة.

المشاركات الاجتماعية، وجد أن الانخراط مثلاً في عمل تطوعي وفي عمل خيري، هذا أيضًا يؤدي حقيقة إلى إزالة المشاعر السالبة (الغضب، التوترات).

أيضًا ممارسة الرياضة، مع أنها مجهود جسدي لكنها تزيل الاحتقانات السابقة وتمتص الغضب.

طبعًا ما ورد في السنة النبوية المطهرة حول علاج الغضب المكبوت والمشاعر السالبة المكبوتة، أنا أعتبره علاجًا رائدًا مهمًّا، يجب على كل مسلم أن يلمّ به، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لمن أراد منه الوصية، قال له: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ يَقُولُهَا هَذَا الْغَضْبَانُ لَذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، وغير ذلك، فاقرأ عنه في أحد الكتب المعتبرة مثل كتاب (الأذكار) للإمام النووي.

سؤالك الثالث: هل توجد تمارين لتبلُّد المشاعر؟ تبلد المشاعر حقيقة يجب أن يُعرف سببه أولاً، وتبلُّد المشاعر إن لم يكن له سببٌ واضح نستطيع أن نُغيّر مشاعرنا، الإنسان يسأل نفسه لماذا مشاعري على هذه الكيفية؟ لماذا لا أكون فرحًا؟ لماذا لا أكون مثل بقية الناس؟ لماذا لا تأتني الأحاسيس المناسبة في الأوقات والزمن المناسب؟..وهكذا.

هذه التساؤلات جيدة جدًّا، والتعبير عن الذات هو من السبل الممتازة أيضًا لتحسين المشاعر، والإنسان يُدرب نفسه أن يفرح لما هو مفرح، وأن يحزن لما هو محزن، في حدودٍ وانضباط.

المسح على رأس اليتيم أيضًا، والصدقة تُحسّن المشاعر، هذا أمرٌ مثبتٌ تمامًا، وهي نصيحة نبوية ذات قيمة عظيمة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَهُ: (إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ).

بالنسبة للسؤال الرابع: الاكتئاب في بعض الأحيان والقلق يستجيب تلقائيًا حتى بدون أدوية، قد يستجيب للعلاجات العادية، العلاجات الحياتية: التفكير الإيجابي، السلوك الإيجابي، الرياضة، وليس من الضروري أن يتناول الإنسان الأدوية دائمًا، ولا نقول أن الإنسان سوف تحدث له أشياء خطيرة أو يفقد عقله أو سيموت، الموت بيد الله، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، والإنسان أُمر بأن يأخذ بالأسباب، ومن أسباب العلاج الدواء، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً، إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ)، وقال: (إِنَّ اللهَ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ، خَلَقَ الدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا)، وقال: (إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ).

أخي الكريم: الوضع الأمثل هو أن يأخذ الإنسان الرزمة أو المكوِّن العلاجي يأخذه متكاملاً، إذا كان هناك دواء يجب أن يتناوله، وإذا كان هناك علاج سلوكي نفسي يجب أن يتبعه، والعلاجات الاجتماعية ضرورية، والعلاجات الإسلامية أيضًا ضرورية. بهذه الكيفية يكون الإنسان قد أعطى نفسه الفرصة الصحيحة للعلاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً