الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب حقد الأبناء على الآباء وكيفية إزالة ذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي تتعلق بأخي الأصغر وليس فيّ، أخي عمره (23) عاماً، تخرج منذ عامين، وحديثاً استلم وظيفة جيدة في أحد البنوك، مشكلته أنه يحقد على والدي، ولا أدري لذلك سبباً، منذ سنة ونصف تقريباً أصبح يسيء الأدب في التعامل مع والدي بشكل كبير حتى وصل به الحد إلى مقاطعة والدي! فلا يحدثه ولا يتكلم معه على الرغم من محاولات والدي التودد إليه، ومحاولاتي وأمي وإخوتي نهيه عما يفعل وتحذيره من عقاب الله له على عقوقه لكن لا فائدة فهو مستمر بعناده حتى وصل به الأمر للقول بأن يوم وفاة والدي -حفظه الله لنا وأمد في عمره- سيكون يوم عيد لديه!

لا أدري ما الحل؟! وما العمل؟! مع العلم أن أخي هذا كان لا يطيق أن يصدر تصرف من أحدنا يضايق أبي، لكن منذ أن دخل الجامعة تبدلت أحواله حتى وصل إلى هذا الحد من العقوق! أنا أشعر به يحقد على الدنيا وعلى الأخص والدي لإن أحوالنا المادية متواضعة، وهو يحب أن يعيش حياة مرفهة مترفة، أتوقع أنه يحقد على والدي لإنه يحمله مسئولية ضيق حالنا وعدم توفير كافة الكماليات التي يرغب فيها.

المشكلة أن أخي لا يتقبل الكلام بشرع الله، على الرغم من أنه يصلي لكن أحياناً يقصر بالصلاة، فهو -هداه الله- متهاون بحق الله، وإذا كلمناه وقلنا: هذا حرام ولا يجوز يقول: لا تجعلوا أنفسكم شيوخاً! أحس أنه مريض نفسياً، كيف يمكن لنا مساعدته؟!
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Hiba حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يبارك في الأعمال.

فإن في المواظبة على الصلاة صلاحاً للنفس وزكاة لها، وشفاء لها من أمراضها، والمحافظة على الصلاة هي عنوان كل خير وفلاح، فأرجو أن يكون همنا الأول هو دعوتنا إلى طاعة الله والتمسك بأحكام الشرع، وإذا صلح الدين تمكنا من إصلاح كل خلل وإكمال نقص.

ولا أظن أن ضيق ذات اليد سبب لغضب الأبناء، ولكن البخل بالموجود هو الذي يدعو للشر والنكران والجحود، والإنسان معذور إذا عمل الأسباب وسعى في الأرض، كما أمرنا ربنا في الكتاب فقال سبحانه: (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ))[الملك:15]، فالمؤمن يأتي بالأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.

وأرجو أن نعرف أن هناك أشياء تدفع الأبناء إلى هذا اللون من العقوق، منها ما يلي:

1- شعور الابن بأن إخوانه يقدمون عليه، وأنه مواطن من الدرجة الثانية في أسرته، ولا يخفى عليك أن غياب العدل بين الأبناء مخالفةٌ صريحة لشريعة السماء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، واعتبر تمييز أحد الأبناء على إخوانه جوراً وظلماً، فقال صلى الله عليه وسلم: (اشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور)، وإذا لم يوجد العدل بين الأولاد فإن ذلك يولد الكراهية للآباء والحقد على الإخوان.
2- قسوة الأب على أبنائه في صغرهم تدفعهم إلى التمرد عليه في الكبر، خاصةً إذا كان الأب من النوع الذي يحاسب على الصغيرة والكبيرة، ويفتح ملفات التحقيق ليلاً ونهاراً، ويشتم ويقبح ويذكر بالأخطاء السابقة.
3- إحراج الأبناء أمام زملائهم والناس.
4- قسوة الأب في تعامله مع الزوجة.
5- عدم التربية على الوضوح والصراحة، والإصرار على اعتبار الأبناء صغاراً حتى بعد أن يبلغوا، والصواب أن يُصادق الإنسان أبناءه الكبار، ويفتح لهم نوافذ الشورى والحوار، ويظهر لهم الحب والتقدير أمام الضيف والجار.
6- عدم احترام أصدقاء الأبناء، وعدم مشاورتهم في الأمور الخاصة بالمنزل، واعتبارهم صغاراً رغم كبر سنهم.
7- كثرة التوبيخ واللوم للابن، وتذكيره بأخطاء الماضي.

وإذا لاحظنا هذه الأشياء، وأكثرنا من التوجه إلى من يكشف السوء والضراء، وعمرنا بيوتنا بطاعة رب الأرض والسماء، وحرصنا على إبعاد هذا الشاب عن قرناء السوء، وحاولنا تغيير أسلوب التعامل معه؛ فأرجو أن يحدث التغيير الذي ننشده.

ونسأل الله له الهداية والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً