الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وخوف وأرق دائم، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

عملت عملية توسيع للقناة المرارية ولم تنجح، وبعدها تم عمل منظار آخر لتركيب دعامة ونجحت، لكن صار يجيئني خوف من الموت وقلق وتفكير مستمر بالموت، وأخاف إذا سمعت أخبار موت أو اخبار مرض.

للعلم عندي عملية أخرى لإزالة هذه الدعامة بعد أربعة أشهر، وأشعر بأن ذلك سيكون سبب موتي، ولما أتذكر الدعامة والدكاترة يزداد خوفي، وقد صرف لي الدكتور سلبريد 20 ملجم يومياً، ولكن لم أتحسن إلى الآن، وأحياناً ما أنام حتى لثوان طول اليوم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فكري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي الكريم: الخوف ابتلاء من الابتلاءات في هذه الدنيا، قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف}، وذلك ليرى الله مِنَّا أيُّنا أحسن عملاً، والموت والحياة بيد الله تعالى، قال الله تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً}.

الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقصه أبدًا، {إن أجل الله إذا جاء لا يُؤخر}، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.

أمر الموت - أخي الكريم - أمر محسوم، لا مفر من الموت، ولا مهرب من الموت، قال الله تعالى: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}، وقال: {إنك ميتٌ وإنهم ميتون}، فالجميع ميت ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، ومَن لم يمت سيموت، والكل سيبعث ويحاسبهم الله، ولتجزي كل نفس بما عملت وكسبت، {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة}.

الخوف الشرعي من الموت هو الخوف الصحيح، والخوف الشرعي دائمًا يجعل الإنسان حريصًا على ألَّا يأتيه الموت وهو متلبس بالذنوب، وفي ذات الوقت الإنسان الذي يخاف من الموت خوفًا شرعيًّا تجده مُثابرًا في حياته، يعمل لآخرته ولا ينسى نصيبه من الدنيا، يسعى لأن يكون من الناجحين، ويعمل لدنياه، ويعمل لآخرته.

لا بد - أخي الكريم - أن تكون لك قناعات شرعية، قناعات صلبة وقوية جدًّا في هذا السياق.

يجب أن تكون لك هذه القناعة الصلبة، أنا أعرفُ أنك مسلم، وما ذكرته لك ليس من اختصاصي، ولكنها مفاهيم عامة على المسلم معرفتها وإدراكها، وأعلم أنك تفكّر في هذه الأمور على نفس السياق الذي ذكرتُه، لكن أريد أن أدعم فكرة الخوف الشرعي من الموت لديك، وهو أمر مطلوب من باب التواصي بالحق والتواصي بالصبر والتواصي بالخير، وهي أمور ينبغي ألا تُسبب أي مضايقات نفسية.

إذًا فكرة الخوف المرضي من الموت مرفوضة، لأنها تُسبّب الكثير من المخاوف والقلق والتوترات.

أخي الكريم: حاول أن تعيش حياة صحية، أن تهتم بغذائك، أن تمارس الرياضة، أن تتجنب النوم النهاري، هذا مهمٌّ جدًّا، وهذا سيُحسّن نومك ليلاً، كما أن عدم تناول الشاي والقهوة بعد الساعة الخامسة مساءً أمرٌ مطلوب جدًّا لتحسين النوم، وفي ذات الوقت عليك أن تحرص على أذكار النوم أخي الكريم.

من المهم جدًّا أن تبحث عن عمل مهما كانت الظروف، فالعمل هو من أهم طُرق التأهيل النفسي والاجتماعي الإيجابي.

أنا أعتقد أن حالتك هي حالة ظرفية عابرة، لكن في ذات الوقت أتاني شعور أنه أصلاً ربما يكون لديك قابلية واستعداد للمخاوف، لذا ظهر لديك الخوف حول موضوع الدعامة، والأمر بسيط وبسيط جدًّا ويجب ألَّا يشغلك أبدًا.

بما أنني أحس أنه لديك استعداد وقابلية للمخاوف أريد أن أصف لك دواءً بسيطًا، دواءً أفضل من الـ (سولبرايد)، الدواء يُعرف باسم (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، ويُسمَّى تجاريًا (سيبرالكس)، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، وهي عشرة مليجرام يوميًا، لكن تكون بداية العلاج خمسة مليجرام يوميًا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (2181620 - 2250245 - 2353544 - 2419484).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً