الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات فزع وشعور بالغربة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب عمري 26 سنة، مات صديق لي في نوفمبر 2021 ، فحدثت لي نوبات فزع، وعانيت منها، ثم ذهبت إلى الطبيب النفسي، فأعطاني دواء فلوكستين، وتعافيت، ومضت الأيام إلى أن أصبت بالكرونا في شهر أوكتوبر، فخفت من الموت، وأصابني الرعب، وعادت لي نوبات الفزع، ثم تداركت الوضع وتجاهلتها، ولكن في شهر نوفمبر في الساعة الحادية عشرة ليلا كانت هناك سهرة، وكان هناك العديد من الناس، فخفت من أن تحدث لي نوبات الفزع، وأردت الهروب، ولم أهرب، ودخلت في دوامة، وصرت أخاف من الجنون، ولم أخرج من غرفتي مدة أسبوع، وذهبت شهيتي، لكنني تحديت نفسي، وصرت أجلس مع الناس، حتى أصابني ذلك الشعور الغريب، والذي صرت أستغرب الناس والدنيا، وأوسوس في العقيدة، ومن حين لآخر أتذكر ذكريات قديمة وأشعر بالغرابة.

أنا أعمل في الجيش، وغائب عن منزلي، ولكن صرت لا أريد الذهاب إلى المنزل، لا أفهم السبب، ولكنني أقوم بعملي، لكن أشعر بأني سأفقد عقلي بسبب هذه الوساوس كل يوم، مع العلم أني ذهبت إلى الطبيب وأعطاني دواء تالوبركس ودواء لونزابراكس، وقال لي: سوف تتحسن، وأنا أثق في موقعكم.

أتمنى أن تفيدوني بنصائحكم.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية. أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: الذي يظهر لي أنه لديك قابلية للتفاعل مع الأحداث الحياتية بصورة سلبية، فأنت قد تعرضت لبعض الأحداث الحياتية الهامَّة وبعدها أتتك نوبات الفزع والخوف والهلع، بدأت بعد وفاة صديقك - عليه رحمة الله - ثم موضوع الكورونا، ومجرد وجودك في محيط التجمُّع ما بين الأصدقاء هذا أيضًا أعطاك الشعور بالفزع والخوف.

فيظهر أن شخصيتك حساسة بعض الشيء، والقلق يُثار بعد الأحداث الحياتية، لكن هنالك تباين وتفاوت بين الناس، بعض الناس شخصياتهم حساسة جدًّا، وبعض الناس درجة التحمُّل لديهم أكبر، ودائمًا الفزع والهرع ينتج عنه شيء من الوسوسة وحديث النفس، والكثير من القلق التوقعي، يعني أن الإنسان دائمًا يكون متوقعًا ما هو سلبي.

فيا أخي الكريم: هذه الأفكار كلها تُحارب بتجاهلها، وبتحقيرها، وبعدم الخوض فيها، وتجنُّب تفاصيلها، ولا تخضعها للمنطق، قل لنفسك: (هي مجرد وساوس، مجرد مخاوف، يجب أن أحقّرها وألَّا ألتفت إليها)، ويجب أن تُمارس الرياضة بكثافة، حيث إن فائدتها العلاجية أثبتت، وكذلك تمارين الاسترخاء، أو أي تمارين بديلة لها، كممارسة اليوجا مثلاً مع الابتعاد عن الجانب فيها. تمارين الاسترخاء يمكن أن يُدرّبك عليها أحد المختصين، أو يمكنك أن تطلع على أحد البرامج الخاصة بتمارين الاسترخاء والموجودة على اليوتيوب. تجنب السهر أيضًا يُجنب الإنسان نوبات الهرع والفزع، هذا مهمٌّ جدًّا.

الشعور الذي يحدث لك - وهو الشعور بالتغرُّب - هذا نسميه بـ (اضطراب الأنّية) وهو شعور سخيف بالفعل، ولكنه ليس خطيرًا، وكثيرًا ما يكون مصاحبًا لنوبات الهرع أو الفزع، وكذلك الوسوسة، وعلاجه يكون بنفس الخطط العلاجية التي ذكرناها.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أي دواء من المجموعة التي تُسمَّى بـ (SSRIS) سيكون مفيدًا لك، وأنت فيما سبق تناولت الـ (فلوكستين Fluoxetine) وهو دواء ممتاز جدًّا؛ لأنه لا يزيد الوزن، ولا يُسبِّب الإدمان، ولا يُسبب النعاس، كانت استجابتك له جيدة، وهذا أمرٌ جيد.

الدواء الذي تتناوله الآن وهو الـ (تالوبركس Taloprex) والذي يُعرف باسم الـ (اسيتالوبرام Escitalopram) هو من الأدوية المتميزة الفاعلة، من الأدوية التي تُعالج القلق والتوتر والمخاوف والوساوس، كما أنه تُحسن المزاج بصورة ممتازة جدًّا.

فيا أيها الفاضل الكريم: يمكنك أن تتناول هذا الدواء بكلِّ ثقة، وأسأل الله أن ينفعك به. الجرعة حسب ما وصف لك الطبيب، وإن لم تكن واضحة لديك فتبدأ بخمسة مليجرام لمدة أسبوع إلى عشرة أيام، ثم ترفعها إلى عشرة مليجرام، وبعد أسبوعين إلى شهرٍ ترفعها إلى عشرين مليجرامًا، وهذه هي الجرعة العلاجية، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، بعد ذلك يمكن أن تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وهذه هي الجرعة الوقائية العلاجية، وهي مفيدة جدًا، ثم بعد ذلك يمكن أن تجعل الجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناوله. والدواء سليم، وفاعل، ولا يُسبب الإدمان.

أمَّا الدواء الثاني وهو الـ (لونزابراكس Lanzaprex) ويسمى علميًا (أولانزابين Olanzapine) فيمكن أن تتناوله بجرعة صغيرة، لا أراك في حاجة ماسة إليه، لكن ما دام الطبيب قد وصفه لك فلابد أن تكون له مبرراته، والجرعة التي تحتاجها هي 2,5 إلى 5 مليجرام ليلاً وليس أكثر من ذلك.

فأرجو أن تأخذ بما ذكرتُه لك من إرشادات وتتناول الدواء، وتتواصل مع طبيبك، وإن شاء الله تعالى النتائج العلاجية ستكون ممتازة جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً