الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أحقد على أبي وزوجته!

السؤال

عندما كنا صغاراً تزوج أبي على أمي زوجة شابة، تمكنت بالدسائس من إيقاع الطلاق بين أبي وأمي، وظلت زوجته طول تلك السنين هي الآمرة الناهية، وأبي لا يعصي لها أمراً، في حين ربتنا أمي على طاعة الله، وكانت توصينا ببر والدي، بل والإحسان إلى زوجته ما أمكن، وبعد أن كبرت سعيت لبر والدي بكل ما يمكن، وتناسيت إهماله لنا، وكنت محسناً لزوجته، ووقفت معها في ساعات الشدة والحاجة كأفضل أبنائها بشهادة الجميع.

لكنها بعد أن كبر أبناؤها بدأت تحيك لنا المؤامرات، وتسعى للوقيعة بيننا وبين أبي، وبدأَت في الاستيلاء على كل ما تصل يداها إليه من أموال أبي الذي أسكنهم أفخر البيوت وأحضر لهم أفخم السيارات وتركنا نحن الكبار نعيش في حالة لا يعلمها إلا الله، لقد أصبحت أحقد على والدي، وأتمنى هلاكه بأبشع صورة، فقد ساعدته في كل موقف وفي كل حين، ولكن عندما تحسنت أموره إذا به ينقلب علينا، لكن خوفي من الله هو الذي يمنعني من إهانته، الله وحده يعلم أني صادق في كل كلمة أقولها، فماذا أفعل لكي أعيد أبي إلى صوابه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ الباحث عن الحق حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يحفظك وأن يسدد خطاك وأن يلهمك رشدك ويعينك على طاعة مولاك.

فإن الله تبارك وتعالى سوف يسأل والدك عن العدل بينكم، ويسألك أنت عن بره والإحسان إليه، فلا يحملنك تقصير الوالد في حقك على التمرد على طاعته والبر له، واعلم بأن مقابلة الشر بالشر ما هي إلا إضافة شر إلى شر، ولن تندم على برك لأبيك لكنك تلام على الإساءة.

وإذا وجد من يحرض والدك ضدكم فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله، والله تبارك وتعالى يعاقب المسيء في الدنيا، مع ما ينتظره عند الله إذا لم يرجع إلى صوابه ويرد الحقوق لأصحابها ويجتهد في إصلاح ما أفسد، وخير لك أن تكون عبد الله المظلوم من أن تكون الظالم، وتجنب الظلم وسوء الظن واتهام الآخرين؛ فإنك سوف تسأل عن كل ذلك بين يدي رب العالمين.

وقد أسعدتني مواقفك وأفرحتني مساعدتك لأبيك وزوجته، ولن يضيع أجرك عند الله وسوف يعوضك الله بالأبناء البررة، فلا تحزن على فوات دنيا فإن اللقاء عند الله، واجتهد في إيصال وجهة نظركم لوالدكم، ولا تقصر في حقه من حيث الأدب والاحترام، وأرجو أن تجد من الأعمام والعمات من يعينكم على الوصول إلى حقوقكم، ولا تفكر في إهانة والدك لأن في ذلك إهانة لكم جميعاً ومدعاة للسخرية بين الناس، وقد يجرك ذلك إلى إغضاب رب الناس، وإذا شعرت بالظلم والمكر ففوض أمرك إلى الله وردد في يقين: (حسبي الله)، وحافظ على خوفك من الله فإنه رأس لكل خير عند الله.

واجتهد في طاعة والدتك التي ربتكم على طاعة الله، وحافظ على وصيتها بمزيد من البر والاحترام لوالدكم؛ لأن ذلك طاعة لله أولاً وأخيراً، وكم نحن فخورون بمثل هؤلاء الأمهات، ولا عجب أن تكون أنت نتاج تربيتها، ونسأل الله أن يحفظها لكم ذخراً، وأن يرزقكم برها، ونوصيك بالتفوق والصبر، وقد أحسن من قال:

بالصبر تبلغ ما تريد **** وبالتقوى يلين لك الحديد

والله ولي التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً