الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهل زوجتي يؤثرون عليها وأخشى من انتقال التأثير إلى أولادي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما حكم تقييد اتصال الزوجة بأهلها أو الذهاب إليهم في حالة وقوع الضرر منهم؟ علماً بأنهم يتواصلون هاتفياً يومياً كثيراً جداً، بدون سبب مهم، ويريدون منها الذهاب إليهم باستمرار، وهم أهل بدع، وعاداتهم ومعتقداتهم إجمالاً خلاف ما أريد إنشاء أطفالي عليه من السنة والنشأة الصالحة السوية.

هم يعتقدون أنهم أهل دين، وقد سبق الوقوع في المحظور، والإتيان برجل دجال دون علمي، على أنه شيخ معالج، واعتاد علاجهم من السحر، يعتقدون دوماً أنهم مسحورون، وفي بعض الأحيان تحدث معها فعلاً أشياء غريبة، بدعوى أنها مسحورة، وتلبسها جني، ونطق بلسانها بأن أمي وأختي سحروها، وحدثت مفاسد جمة بسبب تلك الأفكار.

أرى أنهم يؤثرون كثيراً على فكر زوجتي، وأخشى أن يصل الأثر لأطفالي، والاعتقاد بمعتقداتهم، فما حكم تقليل الصلة شرعاً؟ وإلى أي حد لتجنب تلك المفاسد وكثير من البدع؟

علماً بأني ظُلِمت، وأهلي، وبشدة منهم، وتحملت ما لا يطيقه أحد، ومع ذلك تنازلت عن فكرة الانفصال، حفاظاً على أولادي، وأعاملهم كأن شيئاً لم يكن، لأنهم لا يحتكمون كما قلت للشرع السليم والنقاش، وإظهار الحق معهم عقيم، ولا يعترفون بالحق أبداً.

رجاءً توضيح وسائل شرعية أدفع بها الضرر عن بيتي وأولادي، لتهدأ نار متقدة بداخلي.

لكم جزيل الشكر والثواب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يُصلح أحوالك وأحوال زوجتك وأهلك جميعًا.

قد أصبت – أيها الحبيب – حين أدركت أنه لا بد من حفظ الأسرة والأولاد، خصوصًا من التأثُّر بالأفكار المخالفة للسُّنّة، ونسأل الله تعالى أن ييسّر لك تربية أولادك التربية الصالحة.

كما أصبت – أيها الحبيب – أيضًا في صبرك على أهل زوجتك، محافظةً على أسرتك، وقررت عدم الانفصال عن زوجتك حفاظًا على هذه الأسرة، وهذا من دلائل رجاحة عقلك، نسأل الله تعالى أن يزيدك هُدىً وصلاحًا.

نصيحتُنا لك – أيها الحبيب – أن تسعى لإقناع زوجتك بما تراه أنت من الأفكار الصحيحة، وتُعلّمها المباحث والدروس الإيمانية التي من شأنها أن تقوّي في الإنسان المسلم الاعتقاد بأن الضارّ والنافع هو الله سبحانه وتعالى، وتقوّي التوكُّل على الله تعالى في قلب الإنسان المسلم.

نصيحتُنا لك أن تُسمعها الدروس التي تُفيد في هذا الجانب، ومن أحسن هذه الدروس دروس الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – وموقعه على الإنترنت مليء بهذه المواد العلمية التي فيها شرح وإيضاح للعقيدة التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان المسلم، رجلاً كان أو امرأة.

نصيحتُنا لك أن تتبع الأساليب اللطيفة المُقنعة في التأثير على زوجتك أولاً، ولا تيأس من عدم ظهور التأثُّر السريع؛ فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها كيف يشاء، واجعل هذه مرحلة أولى، ودع عنك الاشتغال بأهل الزوجة في هذه المرحلة، ثم إذا يسّر الله تعالى لك وأعانك على إصلاح أحوال زوجتك فقد تُعينُك هي بعد ذلك وتكون أداةً في إصلاح أهلها.

أمَّا عن شأن التواصل بين زوجتك وأهلها؛ فيجوز لك أن تمنعها من التواصل الذي يحدث به ضرر عليها أو على أبنائك وبناتك أو عليك أنت، فإن الشريعة الإسلامية قائمة على مبدأ (لا ضرر ولا ضرار)، فما كان من التواصل مُضرًّا فينبغي أن تحول بينها وبينه، وأن يكون منعك لها أيضًا مصحوبًا بالتأثير والإقناع، فذلك أدعى إلى الحفاظ على الأسرة والود والتعاون.

أمَّا ما كان من التواصل غير مضرٍّ فنصيحتنا لك ألَّا تحول بين زوجتك وبين التواصل بأهلها، فإن ذلك – أعني التواصل – كما أنه قُربة وطاعة لزوجتك فإن هذه القربة والطاعة التي تقوم بها زوجتُك تنعكس على أسرتها وعلى أولادها، وإن كان يجوز لك من حيث الحكم الشرعي أن تمنع زوجتك من الخروج من بيتك إذا كان خروجها لغير ضرورة.

أمَّا أن تمنعها من التواصل بهم بغير خروج ولغير ضرر فهذا أمرٌ لا يجوز، لأن فيه قطيعة للرحم دون حدوث ضرر عليك أو تقصير من زوجتك في حقك، ونرجو بهذا أن تكون الأمور قد اتضحت لك.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً