الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أبر أمي حتى لو أدى ذلك لطلاقي وترك بيتي؟

السؤال

السلام عليكم..

استشارتي بخصوص علاقتي بأمي، فهي إنسانة شديدة جداً، وتحب فرض رأيها على الكل بغض النظر عن النتائج، وخصوصاً أنا، بحكم أني ابنتها الوحيدة، انفصلت عن والدي وتزوجت للمرة الثانية قبل سنتين.

زوجي حريص جدا على علاقتي بأمي، ويساعدني على برها وزيارتها كل يوم، ولكن يرفض أن أبيت عندها، المشكلة أني الآن حامل في الأشهر الأخيرة، وطلبت أمي أن ألد عندها، أو "انسي أن عندك أماً" هذا نص كلامها! وزوجي رافض للموضوع تماماً.

أصبحت في موقف صعب، لا أستطيع إرضاءها، ولا أستطيع تغيير رأي زوجي، وأخاف لو كبرت المشكلة أكثر أن يصل الأمر لانفصالي عن زوجي، وكل يوم أمي تحاول زيادة المشكلة معي ومع زوجي، وإدخال أطراف أخرى، حاولت أن أعتذر منها ولم تقبل، وترفض النقاش بالمنطق، وترفض التعامل معي.

لدي سؤالان: الأول ما حكم الدين من موقفي؟ هل أرضي أمي وأخاطر وأضحي ببيتي؟ أم أرضي زوجي وأضحي بعلاقتي بأمي؟

السؤال الثاني: هل يحاسبني الله على مشاعري؟ أنا لا أكره أمي، ولكني تعبت من المشاكل ومحاولة إرضائها، بعد أن كان دافع كل أفعالي حبي الخالص لها، أصبحت أحس بأني مجبرة على طاعتها مخافة الله فقط، سؤالي عنها، ومحاولة التقرب لها، فقدت دافع الحب، إنما أفعل ما أفعل طاعة لله، ولو لم يحرم الله العقوق لما حاولت، فهل يحاسبني الله على هذه المشاعر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات إسلام ويب.

بداية: نشكر لك حرصك على بر أمك، والوقوف عند حدود الله تعالى، ونحن على ثقة تامة من أن هذا الموقف سيجعله الله تعالى سبباً لسعادتك في دنياك وفي آخرتك، ولكن هذه الحياة لا تخلو من منغصات، فنوصيك بالصبر، ومواصلة الطريق الذي أنت فيه من البر بأمك، والإحسان إليها بقدر استطاعتك.

ولكن لا يجوز لك أن تعصي زوجك، وتخرجي من بيته بغير إذنه، وطاعته هنا مقدمة على طاعة أمك التي تأمرك بالخروج والانتقال إليها، فحاولي الاعتذار لأمك بما أمكنك من الوسائل، وبالاستعانة بالناس الذين لهم كلمة مقبولة عندها كخالاتك، وقريباتها، وصديقاتها، مع تكلف الكلام الجميل ببيان حق الزوج، وأن الشرع يحرم عليك مخالفة الزوج، ومحاولة الإحسان المادي إليها إن كنت تقدرين على ذلك، فكل هذه الأدوات بإذن الله تعالى كفيلة بأن تمتص شيئاً من غضبها، فإذا استمرت على ما هي عليه فلا إثم عليك أنت.

وأما مشاعر الحب تجاهها، فإن مما يبعث على حب أمك أن تتذكري إحسانها إليك، وأن تتذكري معاناتها عند حملك وولادتك وإرضاعك، وهذا أمر تعرفه المرأة أكثر من الرجل، فالتفكر في الإحسان يبعث القلوب على حب المحسن، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، ولكن على كل تقدير الواجب عليك البر، والبر معناه إدخال السرور إلى قلب الأم بكل قول أو فعل، فإذا وقع في القلب شيء من النفرة أو الكراهية بغير تسبب منك أنت فلا إثم عليك فيه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً