الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أم زوجي تهلوس بأني عملت سحراً لأبنائها!

السؤال

السلام عليكم.

أسكن في بيت العائلة في طابق وحدي، أعاني منذ 4 سنوات من أم زوجي، كانت ملاصقة لي، تتناول الطعام معي، وتحكي لي حكايات من حولها، وتتهم زوجات أخوة زوجها بأنهن عملن لها سحراً، حتى قطعن العلاقة بنا، ومنهن من ماتت.

الآن أصبحت تتهمني أنا بالسحر والسرقة، وأشياء لا يستوعبها عقلي، وبدأت تهلوس بأني عملت سحراً لأبنائها، وأني سبب المشاكل في البيت.

تتحدث لساعات في نفس الموضوع، وتتلفظ بألفاظ خادشة للحياء، علماً أن عمرها 78 سنة، وهي مطلقة منذ 7 سنوات، وطليقها مات منذ 5 سنوات، فكيف أتعامل معها؟

أبناؤها يرفضون فكرة الخروج من البيت، على أساس أنها مخرفة -لكن بدون فحص طبي- لكن الحياة لم تعد تطاق، ماذا أفعل؟ زوجي وأبنائي من جهة، وهي من جهة، فهي والدته في الأخير، لكن للصبر حدود.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، وأحمد الله تعالى على محاولتك لمساعدة هذه السيدة (حماتك)، وجزاك الله كل خير على حرصك ورعايتك.

أختي الفاضلة: لا يبدو ممَّا ورد في سؤالك أن أم زوجك تعاني من الزهايمر أو الوسواس، ولكن ربما هي حالة ذهانية، بحيث أنها تتخيل أشياء، وعندها أفكار غير معقولة وغير منطقية، بأنك تحاولين السحر معها أو اتهامك بالسرقة وأمور أخرى. هذه نسميها (ضلالات أو أفكاراً وهمية) ليس لها من الواقع رصيد، أحيانًا قد تأتي بشكل ذهان فقط، وأحيانًا قد تأتي بشكل أفكار هوسية، وخاصة ما ذكرتِ من أنها تُكثر الكلام وتستخدم الألفاظ الفاحشة.

ولكن مع كل ذلك إذا كان هناك مشكلة في الذاكرة، وبدأت تنسى كثيرًا، ولا تتعرّف على الأشخاص أو الأماكن أو الأوقات، وكأنها فقدت الذاكرة؛ فنعم ربما يكون هذا حالة من الزهايمر أو العته أو الخرف، ولكن لا يبدو هذا ممَّا وصفت في السؤال.

أختي الفاضلة: نعم المعاناة كثيرة جدًّا وصعبة على الذي يعيش مع مَن هو مُصاب بهذا الشكل، لذلك أنصحك وبشدة أخذها إلى طبيب نفسي ليُشخِّص، فأنا أقول عادة: لا يوجد علاج دون تشخيص، فيجب أن نُشخِّص؛ هل هي حالة ذهانية أو هوس أو الزهايمر أو غيرها؟

عليك وعلى أسرتك وزوجك أخذ هذه السيدة إلى طبيب نفسي، لا بد من هذا، وما لا يتم الواجب إلَّا به فهو واجب، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يدعونا للعلاج، (تداووا عباد الله، فإنه ما أنزل الله من داء إلَّا وأنزل له دواء)، ولكن لا بد من الذهاب إلى الطبيب المختص ليكون التشخيص دقيقًا والعلاج مناسبًا.

جزاك الله خيرًا، وأدعو الله تعالى لهذه السيدة بتمام الشفاء والصحة، وأن يُلهمك الصبر والهدوء النفسي.
-------------------------------
انتهت إجاب: د. مأمون المبيض: الاستشاري النفسي
تليها إجابة: د. أحمد الفرجابي: مستشار شؤون أسرية وتربوية.
-------------------------------

مرحبًا بك - أختنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الصبر، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، وأن يقرّ أعينكم بشفاء هذه الوالدة الكبيرة في السن، ونسأل الله أن يُعينك وأولادك والأسرة على حُسن التعامل معها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعيننا جميعًا على الخير.

نحن نقدّر الصعوبات التي أنت فيها، ولكن مع ذلك أيضًا نذكّرُك بالثواب العظيم والأجر الكبير عند الله تبارك وتعالى على صبرك على هذه المرأة الكبيرة في السن، خاصة وهي والدة الزوج، وإذا لم تصبر الفاضلات أمثالك على مثل هذه المرأة فممّن يكون الصبر، ومن أجل مَن يكون الصبر؟! فبُشرى لك بهذا الخير.

هذا الكلام الذي يصدر عن هذه السيدة مهما كانت أسبابه، ومهما كانت دوافعه، فإنه كلام سيمضي مع الهواء، فاجتهدي دائمًا في عدم إعطاء الموضوع أكبر من حجمه، ونحن لا نستطيع أن نتحكّم في كِبار السنِّ، في كلامهم أو في تصرُّفاتهم، ولا نملك أمامهم إلَّا أن نصبر ونحتسب، ونعتقد أن أبناءك والزوج والأسرة يعرفون هذه الحالة، فلن يُصدقها أحد، ولن يستمع لكلامها أحد، ولن يتفاعل مع كلامها أحد، وأنتِ مأجورة على الصبر على كلامها واحتمال هذا الذي يحدث منها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعين زوجك وأفراد الأسرة على تفهُّم هذا الوضع.

وإذا كان هناك مجال في أن يقوم ابنها بالنصح لها، وبتصحيح المفاهيم عندها، ومطالبتها بالكفِّ عن هذه الاتهامات الباطلة؛ فذلك أمرٌ حسن، وإن كان ذلك ممَّا يُغضبها أو يزيد الأمور سوءًا، فأرجو أن تتحملي أنت وزوجك وتصبرا عليها، والصبر ثوابه عظيم عند الله تبارك وتعالى، وما أُعطي الإنسان عطاءً أوسع من الصبر، والإنسان مهما اتهمه الآخرون فإنه أعرف بنفسه، وأعرفُ ببراءتها، وهذا الكلام لا يُقدِّمُ ولا يُؤخّر.

أخيرًا: أدعوكم للاستفادة من نصيحة الطبيب المختص، الدكتور مأمون - وهو من الأفاضل الكرماء العلماء- في أخذها إلى طبيب لتشخيص الحالة، فإن ذلك سيعينكم على التخلص من هذا الألم الحاصل داخل البيت.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً