الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت عليه من خلال الفيسبوك.. هل أخبر أبي بذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، أبلغ من العمر 17 سنة، قبل شهر -تقريبًا- راسلني رجل من مدينتي على الفيسبوك، يقول إنني قد بدوت له فتاة محترمة من خلال منشوراتي، وعرض علي الزواج، في الأول رفضت، ولكن بعد تفكير مطول دام ثلاثة أسابيع أخبرته بأنني موافقة؛ لأنه -كما استنتجت من خلال حسابه ومنشوراته وطريقة حديثه- رجل خلوق، متدين، خاصة أنه أستاذ التربية الإسلامية.

لم أخبر أبي بعدُ بذلك، ولكن أخبرت أمي وتحدثت معه بإذنها، بالنسبة للحديث كان عاديًا جدًا في حدود الموضوع الذي يجمعنا، اتفقنا على بعض الأمور، وصليت صلاة الاستخارة وارتحت له، ولكن المشكلة هو أبي، أعلم أنه لن يقبل إن علم أنه عرفني من الفيسبوك، خاصة أننا تحدثنا دون علمه بالأمر، والرجل ينتظرني لأكمل امتحاناتي بعد أسبوعين، وسنتحدث مرة أخرى لنقوم بالرؤية الشرعية.

من فضلكم أحتاج مساعدتكم في الأمر، هل أخاطر وأخبر أبي بما حدث، أم أبحث عن كذبة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعيدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

نشكر لك هذا الحرص على عدم تجاوز الوالد، ونشكر لك أيضًا الحرص على إشراك الوالدة، ونتمنّى أن يتوقف الأمر عند هذا الحد حتى تخرج العلاقة إلى السطح، فإنه ليس من المصلحة أن تستمر العلاقة بالطريقة المذكورة دون أن تتأكدوا من إمكانية إكمال هذا الزواج، ويستطيع هذا الشاب بعد أن عرفك وعرف مكانك أن يأتي لداركم من الباب، وأن يُقابل أهلك الأحباب، وما حصل من تعارف كافٍ، في أنك ارتحت إليه، وكلّمت الوالدة، وتكلّم معك؛ فهذه هي الأساسيات.

فعليه نقترح عليك أن تقولي له بعد ذلك: (بيتنا في المكان الفلاني، ووالدي فلان، وعمّي فلان، هؤلاء المحارم) ليتخذ هؤلاء مدخلاً، ولست مطالبة بأن تُخبري والدك بأنكم تعرّفتم بهذه الطريقة وبهذه التفاصيل وعن طريق الفيسبوك -إلى غير ذلك- هذه أمور لست مطالبة شرعًا بأن تذكريها، وعليه أن يأتي ويقول: (رأيتها في المدرسة، رأيتها في الطريق، مررت من هذا الطريق، كنت في هذا المكان وأُعجبتُ بها)، أو أن يُرسل أخواته وشقيقاته ليتعرفوا عليك ليكون التعارف عن طريق النساء، بعد ذلك يقول: (أختي رشحتها لي)، وهذا أيضًا من المصلحة، فالآن من الصواب أن يتصل هو مع محارمك، وأن يتواصل محارمه من النساء معك ومع والدتك، أمه أو أخواته، وهؤلاء يمكن أن يكونوا الطريق للمعرفة الصحيحة، وبهذه الطريقة أيضًا تستفيدين؛ لأنك ستتأكدين أن هذا القبول منه ومن عائلته، ليس من الشاب وحده، والمهم ألَّا تتمدد العلاقة العاطفية دون أن نعرف نتائجها ومآلاتها الأخيرة، كما أن الأب هو المدخل الأساسي للأسرة؛ لأن الرجال أعرف بالرجال.

عليه أرجو أن تعملي الآتي:

- الآن اشتغلي بدراستك، وبعد الدراسة أرسلي له رسالة من أجل أن يأتي البيوت من أبوابها.
- إذا كان هناك مجال لتواصل والدتك مع والدته، أو أن يتواصل أخواته معك؛ ليحصل مزيد من التعارف، ليظهر بعد ذلك أن العلاقة بدأت بهذه الطريقة، فهذا أفضل.
- لست مطالبة أن تفضحي نفسك بأن المعرفة كانت بالفيسبوك وكانت بكذا، الإنسان ليس مطالبًا بهذا، لكن أنت مطالبة بينك وبين الله تبارك وتعالى أن تُوقفي هذا الطريق لتبدئي الطريق الصحيح، فإن التعارف بوسائل التواصل لا تُعطي إلَّا جزءًا يسيرًا من الحقيقة، ولذلك الشريعة تريد التواصل المباشر، أن يأتي الخاطب، ويطرق الأبواب، ويقابل أهلك الأحباب، يأتي بأهله، ويُدخل الوجهاء، لتتعرفوا أنتم كنساء فيما بينكم، لا حرج في هذا، تأتي أُمُّه لزيارتكم، تأتي أخواته للتعرّف عليك، وهذا هو الطريق الصحيح، وهذا هو الأضمن لك؛ لأنك الآن تتعرفين على الأسرة كاملة، وتتأكدين أن أسرته أيضًا موافقة على هذه العلاقة وهذا الارتباط.

ما حصل ينبغي أن يتوقف إلى هذا الحد؛ لأننا وصلنا إلى ما نحتاج إليه، بعد ذلك ينبغي أن تخرج هذه العلاقة إلى السطح، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً