الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثيرة القلق والتفكير في الزواج بسبب قلة الصالحين!

السؤال

السلام عليكم، تحية وبعد:

أنا شابة في مقتبل العمر، من بيت ملتزم وأسرة ملتزمة والحمد لله.

دائماً هناك ما يثير قلقي وخوفي بشأن المستقبل؛ حيث إنني أرى أن زماننا صعب وقلة قليلة من الشباب هم الملتزمون والمحافظون، والذين يقدرون الحياة الزوجية ويتلطفون بأزواجهم، فمن هذا الباب أخاف أن يأتيني شاب ليس على ذلك القدر من الالتزام والتقوى، وأخاف على مستقبلي الزوجي كثيراً، وأحياناً أقول: إن شباب هذا الزمان لا خير فيهم، وأفكر في العزوف عن الزواج، لكنني في ذات الوقت أخاف وأقول بأنني أحلم بالاستقرار وأريد أن أعف نفسي، كما أنني صغيرة السن لكنني كثيرة التفكير والقلق بالزواج والنصيب وهذه الأمور.

أشيروا عليّ، ماذا أفعل؟ وانصحوني، جزاكم الله خيراً.

وتقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به إنه جواد كريم.

أختنا الكريمة: إننا نحمد الله إليك تدينك، كما نحمد الله أن جعلك من بيت مستقيم صالح، وتلك نعمة تستوجب الشكر، نسأل الله أن يبارك لك في عائلتك وأن يرزقك برهم.

ثانياً: الدنيا -أختنا- لا تخلو من الصالحين مهما كثر الخبث، فلا تشغلي نفسك بكثرة التفكير فيما غاب عنك أو غُيب، واعلمي أن الصالح وإن كان في الزمان قليلاً إلا أنه موجود، وهو حين يبحث عن الزواج يفتش عن امرأة صالحة مثله، وقد قالوا قديماً لرجل يتمنى أن يتزوج فتاة في أخلاق فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالوا له: كن علياً تكن لك فاطمة.

والمعنى أنه كلما حافظت على نفسك وتدينك وصلاحك فإن زوجك -إن شاء الله- سيكون من هذه النوعية، فكما أن الخبيثات للخبيثين فكذلك الطيبات للطيبين.

ثالثاً: لا نريدك أن تشغلي نفسك أبداً بالغيب، وأشغلي نفسك فقط بإرضاء الله عليك، وكوني مطمئنة؛ فإن الله -عز وجل- قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) ومن تلك المقادير زوجك الصالح بإذن الله تعالى، فلا تقلقي.

رابعاً: هناك كذلك أمران يجب الاهتمام بهما عند تقدم الخاطب:

1- السؤال عن دين الشاب وأخلاقه في محيطه هو، في مسجده، في حيّه، بين عائلته وأصحابه، وأن يكون المعيار الأول عندكم -أختنا-: دين الرجل وخلقه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه ابن ماجه، والترمذي وحسنه الألباني.
وذلك لأن في صلاح الدين والخلق سعادة الدنيا والآخرة.

2- الاستخارة قبل الموافقة على الشاب، وهي من السنن التي لا يخيب قط من سلكها.

فإذا اجتهدت في زيادة تدينك وصنت أخلاقك وحافظت على أهلك، وسألتم عن الشاب من حيث الدين والخلق، ثم ما يرغب بعد ذلك فيه من الرغبات بالموافقة عليه كالتعليم والوظيفة أو العمل أو حسن المظهر أو غير ذلك، ثم استخرت الله تعالى، فاعلمي أن الخير يرقبك -إن شاء الله- أختنا الكريمة.

بعد هذا كله نقول لك -أختنا الكريمة-: أنت دون العشرين؛ لذا نرجو أن تتركي التفكير في أمر الزواج من عدمه، أو في وجود الصالحين أم لا، فقط أشغلي نفسك بدراستك إن كنت طالبة، وبتعلم أمور الشريعة إن كنت أنهيت دراستك، مع الاجتهاد في التدين والترقي في زيادة معدل تدينك، هذا هو الواجب عليك، وثقي بأن الله سيكرمك، ونذكرك بما قاله الرجل الحكيم لصاحبه: كن علياً تكن فاطمة!

رضي الله عنك وأرضاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً