الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق حل أخير لسوء أخلاق الزوجة

السؤال

السلام عليكم.
زوجتي وباختصار كذابة على طول الخط، ولم ولن تفلح معها كل المحاولات؛ لأن الموضوع وراثي، معظم الأسرة كذلك، تطورت المشاكل حتى أصبح البيت لا يطاق، الظروف وضعت أمامي بنتا بها كل ما أحلم، قررت الانفصال وقد حدث، واتضح لي بعد الانفصال أن زوجتي أم بنتي كانت تنشر أسرار البيت على الملأ، وكذلك أسرار الفراش، وأخيراً بأني غير كفء جنسياً لها، كل هذا كان كل الناس يعرفونه عني، ولا أعرف أنا، وكنت محل شفقة، وقبل الطلاق جرحت نفسها بالاستعانة بوالدها، وعملت محضراً وتقريرا طبيا، وأني سرقت مصوغاتها الذهبية، وقائمة المنقولات، وقضية نفقة وخلافه.

لم تفلح كل محاولاتي قبل الانفصال لإثناء والدها عن كل هذه القضايا، لدرجة أننا عرضنا عليه كل ما يحلم أن تعطيه المحكمة، إلا أنه رفض كل ذلك، ونظرا لتعنته حدث الانفصال.

والسؤل: هل من حقي أن أطلقها غيابيا لهذه الأسباب أم أنا ظلمتها؟ مع العلم أنها سيدة ينتاب تصرفاتها هي وأهلها كل مظاهر الجنون والتخلف العقلي، وأنا أعني ما أقول، فلا هي بنت تعرف قدر زوجها، ولا قدر أسرتها، ولا قدر حياتها، فهي تعيش مثلما تعيش البهائم، ولا مبالغة، كذلك أهلها لا يعرفون غير الأكل والدش والجنس، ولا حياء في الكلام في أي موضوع أمام الرجال والنساء، أقرباء أم غرباء، لا فرق بلا مبالغة، لم يدخل بيتي زائر إلا وشتم، لا أريد أن أطيل، ولكن هل إذا أردت أن أستبدل زوجتي هذه بأخرى هل هذا ظلم لها؟ وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأنا يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

فإن شريعة الله وضعت حق الطلاق في يد الرجل، ولكن آخر الدواء الكي، والطلاق أفضل من حياة الشقاء والعصيان والعناد، وهو من إعجاز هذه الشريعة التي رفعت الضرر والضرار، وشريعة الله (( فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ))[البقرة:229]، فلا تقابل إساءتهم بمثلها، ولكن (( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))[فصلت:34]، واجعل تصرفاتك متزنة، وحافظ على أسرارهم حتى لو نشروا أسرارك، وإذا أردت أن تطلق فاجعلها طلقة واحدة (( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ))[الطلاق:1]، فربما تتبدل الأحوال وتتوب إلى ذي العظمة والجلال، وتعرف ما كان عليها من السَّفه والخبال، فإن الطلاق علاج إذا تتبع فيه الإنسان هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن تطليق المرأة في حال حيضها؛ لأن نفسيتها تكون متغيرة، ونهى عن تطليقها في طهر مسها فيه، وفي كل ذلك توسيع لفرص العودة والمراجعة، فلا تطلق وأنت غضبان، ولا تطلق إلا بالصيغة الشرعية؛ لأن الله قال في كتابه: (( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ))[البقرة:229] يعني مرة بعد مرة.

وأعطها فرصة للرجوع، وتفكر في حالها، وهل هذا الذي يحدث بتأثير أهلها أم بخبثٍ في نفسها؟ فإن كان السبب من أهلها، فإنه (( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ))[الأنعام:164]، وإن كان الشر فيها فتدرج في علاجها كما أمر الله: (( فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ))[النساء:34].

والوعظ تذكير بالعواقب، وتخويف من غضب الله، والهجر سلاح فاعل إذا كان على الوجه الشرعي، والضرب علاج لبعض النساء، فإن تعذر العلاج وكان في أهلها عاقل أمين، عالم حكيم عادل يرغب في الخير فيأتي قوله تعالى: (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ))[النساء:35].

وعلى كل حال، أنت أعلم بحال أهلك، وكل الخيوط بيدك، وليس في الطلاق ظلم، وهو حق لك، فأحسن استخدامه إذا لم تجد سبيلاً للإصلاح سواه.
وأرجو أن تشغل نفسك بما يرضي الله، واحرص على التقوى فإن الله يؤيد أهلها، وييسر أمورهم ويفرج كروبهم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً