الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بالذنب وعدم الرضا عن الذات

السؤال

السلام عليكم.
تعاني أختي من شعور غريب، فهي دائماً تشعر بأن الناس لا يفهمون قصدها عندما تقوم بالتعامل معهم، وتقول: أشعر بأن أي عمل أقوم به بحسن نية يقابله رد فعل غير طبيعي، وهي دائماً تبكي لأبسط المواقف، كما أنها بطبيعتها تخاف المواجهة حتى لو كانت على حق، وتجامل الناس.

ولكن تنتابها أحياناً نوبات من الغضب، تقول فيها وبجمل قصيرة رأيها في أقرب الناس وبكل وقاحة! حتى لو كلفها ذلك أي شيء، دون التفكير المسبق! وبعدها تشعر بحالة من فقدان التوازن، فهي تشعر بشعور مزدوج من الرضا المبالغ فيه عن نفسها، وشعور بخيبة الأمل لأنها تجاوزت الحدود، وتدخل إلى غرفتها وتنعزل، وتشعر بالخمول الشديد وتبكي كثيراً.

لقد حاولت الانتحار مرتين، وهي دائمة الشعور بالذنب وبحالة من عدم الرضا عن الذات، فأعينوها جزاكم الله خيراً! وما هو اسم حالتها إذا كانت تعاني من حالة نفسية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه الأخت تعاني من اضطرابات في الشخصية، وغالباً تكون شخصيتها من النوع الذي يعرف بالشخصية الحدية، وهي تكون غالباً متقلبة المزاج، مع وجود نوبات من الغضب ثم نوبات من الرضا، مع عدم التأكد من الذات، وعدم القدرة على الاستمرار في علاقات لمدة طويلة، كما أن هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الشخصية، ربما تنتابهم نوبات من الاكتئاب ومحاولات الانتحار، وتحطيم الذات بصفة عامة.

الشخصية المضطربة تتطلب الكثير من العمل والعلاج السلوكي، ولابد أن يكون ذلك بواسطة جلسات نفسية متواصلة، يتاح لها من خلالها التعبير عن ذاتها، ثم بعد ذلك يوجهها المعالج إلى كيفية التصرف حين تكون في موقف معين، هذه الآليات تتطلب الكثير من التدريب والكثير من الصبر.

ولكن بصفة عامة، يمكنك أن تكوني مساندة لها، وأن تجعليها تحس بقيمتها، وأن تناقشي معها أفكارها السلبية، ثم بعد ذلك تحاولي أن تستبدلي كل فكرة سلبية بما يقابلها من فكرة إيجابية، وتعملي على إقناعها بأن تصورها حول نفسها ليس تصوراً صحيحاً، إنما فيه الكثير من عدم الرضا عن الذات دون مبرر.

سيكون أيضاً من المفيد لها أن تشغل نفسها في أشياء عملية، بأن تبحث عن عمل مثلاً إذا كانت هي في سن العمل؛ لأن العمل أيضاً يمتص الطاقات الغضبية ويجعل الإنسان يتكيف مع الآخرين بصورة أفضل.

ويمكنها أيضاً أن تمارس أي نوع من الرياضة، فهذا إن شاء الله يفيدها، وعليها أيضاً أن تمارس تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس، والتي تتمثل في الاستلقاء في مكانٍ هادئ وغمض العينين وفتح الفم قليلاً، ثم أخذ شهيق عميق وبطيء، ثم بعد ذلك يعقبه الزفير بنفس القوة والعمق والبطء، تكرر هذه التمارين عدة مرات، وإن شاء الله ستقلل من غضبها ومن فوراتها الغضبية.

الكثير من هؤلاء الأشخاص يعانون أيضاً من نوع من الاكتئاب – كما ذكرت – لذلك نرى أن الأدوية التي تعالج الاكتئاب، وفي نفس الوقت تقلل من سرعة الإثارة والاندفاعية المفرطة تفيدهم كثيراً، لقد اتضح أن البروزاك وهو من الأدوية المعروفة يساعد مثل هؤلاء الناس، وعليه فأرجو أن تتناوله أختك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي 20 مليجراماً، عليها أن تتناوله يومياً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تأخذ كبسولة واحدة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم بعد ذلك كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن العلاج.

كما ذكرت لك، لابد من مساندتك لها وتوجيهها ونصحها، ويا حبذا أيضاً لو ساعدتيها في تكوين حلقة من الصديقات الفاضلات، حتى تتخذ منهنَّ القدوة، وتجد نفسها مقبولة لديهن، وهذا سوف يساعدها كثيراً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً