الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت في حالة خوف دائم من السفر!

السؤال

سيدي الكريم! حفظك الله.
منذ حوالي سنتين وفي ظرف معين من فقدان لأحد رفاقي وضغط في العمل وانتقالي للسكن في منزل آخر؛ انتابني خارج مدينتي ما يعرف بنوبة ذعر! وتزامن هذا - عند رجوعي لمدينتي- أن صار لي حادث في سيارتي؛ فراجعت أحد الأطباء فوصف لي النورتريلين بمقدار 10 ثم 20 ثم 25 ملغ ولمدة سنة فأصبحت بحال أفضل، ثم طلب مني التوقف عن الدواء والاستعانة بدواء عشبي، ولكني عدت للدواء بعد انتكاسة بسيطة، ولم أراجع الطبيب مرة أخرى، واستمررت على 10 ملغ سنة أخرى.

أنا الآن بحالة جيدة، لكن حدث لي حادث آخر بعد سنة من الحادث الأول وفي نفس الطريق، فأصبحت في حالة خوف دائم من السفر! فأسافر ولكن بحالة استنفار؛ مما يتعبني وأظل خائفاً حتى عودتي!

أود السؤال: هل أستمر في أخذ الدواء أم أنقطع عنه؟ وهل له مضار على المدى الطويل؟ وكذلك ما هو أسلوب المعالجة من رهاب السفر؟

أفيدوني، جزاكم الله كل الخير والثواب!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سامر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه النوبات التي انتابتك من الواضح أنها نوع من الرهاب أو نوبات الفزع الحاد كما ذكرتَ، وأعتقد أن لديك نوعا من الاستعداد لهذه الحالات، فهي قد تحدث للإنسان الحساس أو الذي يحمل كمية من القلق والاحتقانات النفسية البسيطة، وعليه أرجو أن تكثر من المواجهة؛ لأن هذا هو العلاج السلوكي الأفضل والأجدى، المواجهة لمواقف الخوف والرهاب تقلل منها بالتأكيد، وتجنب المواجهة يؤدي إلى زيادة الخوف والرهاب.

المواجهة تكون أولاً في الخيال؛ بمعنى أن تتخيل نفسك في مواقف اجتماعية، أو أنك قد شرعت في السفر وكان هذا السفر ضرورياً، وأن تتخيل أنك لوحدك وأن السفر طويل، عِش هذا الخيال بصورة فيها التأمل والعمق، ويجب أن تكون مسترخياً ومستلقياً وأن تكون لوحدك، وألا يقل تمرين التأمل النفسي عن نصف ساعة في كل جلسة بمعدل جلسة واحدة في اليوم.

والخطوة الأخرى هي أن تقرأ عن السفر وما هي متطلبات السفر، وأن تعيش دائماً في خيالك رحلة الذهاب إلى المطار، وقبل ذلك بالطبع الحجز والحصول على التذاكر والتأشيرات، عش هذه الرحلة منذ بدايتها في خيالك، هذا إن شاء الله يساعد كثيراً.

وبالنسبة للسفر بالسيارة أيضاً عش الخيال بأنك سوف تجهز السيارة حتى تتأكد من سلامتها، وأنك لابد أن تأخذ معك مقتضيات السفر، إذا أدخلت نفسك في مزاج السفر فهذا إن شاء الله يقلل من الرهاب.

ثم بعد ذلك ابدأ وسافر لمسافات قصيرة حتى لو تنقلت داخل البلدة أو المدينة، لكن اذهب إلى أماكن أنت لست متعودا عليها وأكثر من ذلك، ثم بعد ذلك إن شاء الله سوف تجد أن الأمور قد أصبحت أسهل كثيراً بالنسبة لك.

بالنسبة للعلاج الدوائي، النروتربتلين هو من الأدوية القديمة والجيدة لعلاج الاكتئاب والقلق، وأيضاً يساعد في علاج الخوف والرهاب، لكنه بالطبع ليس بأفضل الأدوية، الدواء الذي يوصى به في هذه الحالات الآن هو عقار يعرف باسم سبراليكس، فهو من الأدوية المضادة للاكتئاب والوساوس، ولكن وجد أنه يتميز أيضاً بالقضاء على الخوف والهرع والفزع والرهاب بإذن الله تعالى.

إذن: يمكنك أن توقف النروتربتلين وتبدأ في السبرليكس، جرعة البداية هي 5 مليجرامات – أي نصف حبة من فئة 10 مليجرامات – لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى 10 مليجرامات ليلاً بعد الأكل واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى حبة يوماً بعد يوم لمدة شهرين، ثم إلى نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهرين، بعد ذلك يمكنك التوقف عنها.

هذا الدواء -إن شاء الله- ليس له أي مضار مهما طالت مدة استعماله، وحتى بالنسبة للنروتربتلين أيضاً دواء سليم، ومهما طالت مدة الاستعمال إن شاء الله لن يحدث منه أي ضرر، ولكن – كما ذكرت لك – لا يعتبر هو الدواء المثالي لعلاج الخوف والرهاب والقلق، إنما السبراليكس هو الأفضل.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر رضا

    شكرا لك يا دكتور على معلومة السبرالكس هذا لاني بدوري ابحث عن حل لمشكلتي التي تتمثل في الرهاب بشتى انواعه...اريد التغلب على الخوف
    الشديد الذي اصبح ينتابني من السفر الى مكان بعيد
    او التواجد في وسط جمع كبير من الناس...انه لشئ صعب حينما يصبح الخوف خارج عن السيطرة...اسال
    لاخي و لي و لجميع المرضى الشفاء انشاء الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً