الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تعامل الزوجة مع زوج يبر أهله ويتجاهل أهلها

السؤال

أنا زوجة حديثة لرجل أشهد له بكل الخير، من أخلاق وحسن معاملة، وكان زوجي الحبيب خاطباً لفتاة ولم يحدث بينهما نصيب، وتركها قبل معرفتي له بكثير، وكانت الخطيبة - سامحها الله - مادية إلى أقصى حد! فكانت تريد إبعاده عن أسرته معنوياً ومادياً، وأخذت منه قدر ما استطاعت من هدايا لها ولإخوانها، وحدث الانفصال لهذه الأسباب.

تعرف بي بعد ذلك عن طريق الأسرة في زواج تقليدي، وحدث الحب بعد ذلك وتزوجنا، وفي فترة الخطوبة أرهق خطيبي كاهلي وكاهل أهلي بالمطالب الغالية في الفرش، وبعد ذلك جاء ميعاد العرس، وقد اتفقت معه على عدم عمل فرح غال، وأن نقوم معاً بعمل عمرة بعد الزواج، وبالفعل قمنا بعمل عشاء حضرت فيه أسرته فقط، وكانت أولى الصدمات، فلم يدع زوجي أسرتي! ورفض أن يأتوا على حسابهم الخاص؛ بزعم منه أنه عشاء بسيط يجمعنا وأخته وزوجها.

إذا بي وأنا بفستان عرسي أفاجأ أن جميع أصدقائه حاضرون وزوجاتهم، وجميع إخوانه والزوجات والأولاد، وحتى الرضع! وأنا مثل اليتيمة وأهلي على قيد الحياة! ومن شدة حبي له أكملت العشاء وأهديته أجمل ليلة عرس، ولكن المشكلة أن في نفسي جرحاً لم يبرئه الوقت، ولا أستطيع المسامحة أو حتى النسيان.

إلى جانب ذلك، فهو شديد الاهتمام بأسرته، ولا يفعل شيئاً من دونهم، فلا سفر ولا نزهة ولا فرح من غيرهم، وأنا معهم وهم ليسوا معي، فهو يفعل الشيء لأجلهم وليس لي أنا، وأنا التي أبر كل شخص منهم على قدر استطاعتي، ولكني أريد وقتاً ليس لي وحدي، وإنما لي معه؛ فأنا لا أستطيع العيش كزوجة، إنما أنا واحدة معه ولا أستطيع أن أجد مسمى لنفسي غير ذلك.

إنه يشتري كل جميل لهم، وعندما أقول أنا يقول لي كل مرة أنا لم أشتر شيئاً، ومع ذلك فهو يحضر كل حلو وطيب إلى بيتي ولا يبخل بشيء، ويعطيني مصروفاً خاصاً على قدر الحاجة، ولا يعطيني مالاً لبيتي.

عندما أتكلم معه في ترتيب الأمور المالية أشعر في عينيه أنه يقول إنني مادية، إلى جانب الصمت في المنزل! ولا أستطيع فتح حوار معه، وأحترم صمته، ولكن كل هذا يجعلني أشك في حبه.

أرجو الإفادة، كيف أتعامل معه؟ وكيف أسامحه في موقف الفرح، على اعتبار أن مشروع العمرة قد فشل؛ لأن أسرته لا تستطيع السفر هذا العام.

أرجو الرد بأقصى سرعة مع خالص شكري، حيث أنني أعيش داخل ذاتي، وأفقد الشهية من وقت لآخر!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إنجي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن المسامحة لزوجك تجلب لك السعادة والاطمئنان، وليس من الضروري أن يعرف أهلك بالذي كان، وشكراً على حسن تصرفك في تلك الليلة ومقابلتك لتقصيره بالإحسان، وهكذا تفعل العاقلات من النسوان، ومرحباً بك في موقعك مع الآباء والإخوان، ونسأل الله أن يزيدك من الخيرات وأن يملأ قلبك بالإيمان.

أرجو أن تشكري له اهتمامه بأسرته، فإن ذلك يعينك على الاستقرار ويجنبك اتهام أهله وتدخلهم في حياتك وخصوصياتك، فلا خير في رجل لا يعرف لأهله فضلهم، ومن حقك أن تطالبي بما هو لك في هدوء ولطف، مع ضرورة اختيار الألفاظ المناسبة والأوقات الجميلة المناسبة لمناقشة مثل هذه الأمور.

أتمنى ألا تقولي له: فعلت لأهلك كذا وكذا، ولكن قولي أريد كذا وحبذا لو وفرت لي كذا، وإذا كان زوجك يحضر لك كل جميل وطيب إلى بيتك فهذا دليل على حبه لك، فالرجل غالباً ما يعبر عن حبه وتقديره لزوجته بالعطاء وبما يأتي به من جميل الأشياء، فاشكريه على الإهداء واطلبي منه إكمال جميله بتوفير العاطفة والخصوصية وجو الصفاء، وأبشري بالبررة من الأبناء.

لا مانع من دعوته لترتيب أموره المالية، وصمته عند ذلك لا يدل على أنه لا ينتفع بكلامك الذي نتمنى أن لا يكون عندما يشتري لأهله أشياء، فالتوقيت والأسلوب من أهم ما يعينه على القبول بنصيحتك.

أرجو أن تخرجي من ذاتك، وتتبسمي لمن حولك، وتشكري ربك على ما أولاك من نعم لتنالي المزيد من فضله.

إذا لم تتمكنوا من الذهاب للعمرة الآن، فلا مانع من فعل ذلك مستقبلاً، ولن تتضرري بذهاب أهله معكم إلى العمرة، فالإنسان يحتاج في سفره إلى رفقة، وأرجو أن تجتهدي في فهم نفسية زوجك، واعلمي أن الرجل يسعده أن يشعر بالتقدير ويفرحه أن تحترم زوجته أهله وأن تحتمل من كيدهم وترحم الصغير، فأكثري من الثناء عليه، وأظهري إعجابك به، وكوني له أمة يكن لك عبداً، وكوني له أرضاً يكن لك سماء تظلك وتحميك.

أرجو أن تقدري وضعه ولا تقطعي عليه صمته فإن الرجل يجدد مشاعره بدخوله إلى كهفه، فإذا صمت فضعي كوباً من مشروب يحبه إلى جواره وتشاغلي بعمل شيء، وسوف يأتيك ويبحث عنك عندما يخرج من صمته، ولا تتذكري ذلك الموقف، فإنه لا يستطيع منع أهله، وقد نجحت أنت في منع أهلك ولا تقولي لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا، ولكن رددي بلسان أهل الإيمان: (قدر الله وما شاء الله فعل) فإن لو تفتح عمل الشيطان، وهمّ الشيطان أن يحزن أهل الإيمان وليس بضارهم إلا بشيء كتبه العزيز الرحمن.

احرصي على تلاوة القرآن، وعمري قلبك باليقين والإيمان، واعلمي أن السعادة تتبع من النفوس العامرة بحب المنان، وأكثري من الاستغفار وكرري الصلاة والسلام على نبينا المختار.

نسأل الله أن يوفقك لما يحبه وأن يحشرنا وإياك في زمرة الأخيار.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق سارة رعد

    عزيزتي ان تصرفك عين العقل والصواب لكن في بعضا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً