الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بمن يريده أهلي أم بمن أرغب به

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
أنا فتاة مغربية عمري 22 سنة أعيش بين عائلة محافظة، ووالدي والحمد لله رجل متدين.
مشكلتي ترجع إلى نحو 4 سنوات بعد انتهاء امتحانات البكالوريوس ذهبت مع إخوتي لحضور زفاف ابنة عمتي، وبينما نحن جالسون مع بنات وأولاد عمتي اقترحت علي فاطمة -وهي إحدى بنات عمتي- الزواج بأخيها الأكبر محمد، وكنت قد سمعت تلميحات قبل هذا العرض المباشر، احترت ولم أعرف كيف أجيب، خصوصاً وأنا ما زلت أتابع دراستي، بالإضافة إلى أنني لم أكن أفكر بالزواج أصلاً فلم أستطع أن أجيب بنعم أو لا؛ لأن العرض اقترح علي في منزل عمتي، والخاطب هو ابن عمتي، وإذا قلت: لا فإنني سوف أحرجه خصوصاً أمام إخوته.
لذلك حاولت أن أخلص نفسي من هذه الورطة وذلك بمحاولة تحويل العرض إلى مزحة، والقول بأنني لن أتزوج الأخ الأكبر بل الأصغر، ولم أكن أظن حينها أن الأخ الأصغر سوف يكبر ويتحول إلى خاطب لحوح لا يتزحزح عن عرضه، رغم قولي لا مرات ومرات.
المشكلة ترجع إلى أنني أكبر منه بـ 5 أشهر، صحيح أن الفرق ليس كبيراً لكنني أحس بأنه ما زال صغيراً، لدرجة أنه يقول: إنني لا يمكنني رفضه لأنني أنا التي عرضت عليه الزواج، لا يفهم أنني فعلت هذا حتى لا أحرج أخاه الأكبر.
وقبل 4 أشهر تقدم لخطبتي شاب آخر التقيت به مرتين فقط، التقيت به في منزل والدي، حسن الخلق وذلك بشهادة زوج أختي، اتفقت مع هذا الشاب على الخطبة، وبعد سفره إلى الخارج للعمل جاءت أمه إلى أمي لتؤكد علي ذلك، ولكن وبعد انتشار الخبر بين العائلة بدأت عمتي بالقول بأنني رفضت ابنها بسبب هذا الخطيب الجديد، وبأنني إذا تركت ابنها وتزوجت ذلك الرجل فلن أكون سعيدة لأنني عندها سأكون قد بنيت سعادتي على تعاسة ابنها، لدرجة أنني بدأت أشك في صحة قراري لأنني أعرف أنني إذا تزوجت ابن عمتي فإن هذا الأخير سوف يحرص على إرضائي وعلى معاملتي جيداً، ولكنني لا أستطيع تخيل نفسي زوجة له.
أرجوكم ساعدوني فأنا حائرة جداً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن المسلم لا يخطب على خطبة أخيه حتى يأذن أو يدع، ولكني لا أدري هل تمت خطبتك لذلك الشاب أم هي مجرد وعود، وعلى كل حال فنحن نتمنى أن تتعاملي مع الموقف بمقدار كبير من الحكمة وحسن التصرف، حفاظاً على تماسك العائلة ورفعاً للحرج الواقع على عمتك وأبنائها.

وأرجو أن تسمحي لي بتوجيه صوت اللوم لك، لأنك اتفقت مع الفتى وحدك ثم جاءت أمه بعد ذلك، وليس من مصلحة الفتاة أن تتفق مع خاطبها ويكون أقرباؤها وأهلها هم آخر من يعرف، والفتاة المسلمة لا تزوج نفسها، ولا تخطب لنفسها، ولكنها تدل الراغبين على باب دارها، على عناوين أوليائها لتحافظ على ثقة أهلها، وتأخذ مكانتها من حيث الاحترام والتقدير عند من يتقدم لخطبتها.

وأرجو أن تنظري للموضوع نظرة شاملة وتتعرفي على مميزات كل من الرجلين، مع ضرورة اصطحاب ميزان الزواج من القريب، ولا شك أن صلاح الدين هو المرجح الأول في هذه المسألة، وأنت مطالبة بحسن التقدير للوضع، وحسن الاعتذار لمن ترغبين الارتباط به، مع النظر العميق في عواقب كل تصرف وموقف.

فسارعي إلى صلاة الاستخارة، وشاوري أهل الخبرة من أرحامك وأصحاب الدراية، وتوجهي إلى من بيده التوفيق والهدية، واجعلي رضوان الله هو الغاية، وابتعدي عن إطلاق الكلمات دون تأمل، واهجري المجالس العائلية المختلطة، وإذا وجد رجال من أهلك فحافظي على حجابك وحشمتك وحيائك ووقارك، واجعلي علاقتك بالرجال محكومة بشريعة الكبير المتعال.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، فإنها سبب للخروج من الأزمات، وقد قال رب الأرض والسموات: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3] .
وعليك بالإحسان إلى والديك والاقتراب منهما، وطلب رضاهما، وكوني في حاجة الضعفاء ليكون الله في حاجتك، واحفظي عينك ولسانك واحتملي من أقربائك.
ونسأل الله أن يهديك ويصلح بالك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً