الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما خطورة عدم غض البصر؟

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاماً، ومشكلتي هي في الشباب بحكم أنني طالبة وأذهب إلى الجامعة، حيث لا أستطيع أن أغض بصري رغم أني أدري أن هذا الشيء يغضب ربي، لكنني أرى نفسي تنظر إلى أي شيء أعجب بشكله، وهذا الأمر يعذبني كثيراً، وأقول: حله أن أتزوج، لكن إلى متى؟

أحس بأنه جبل على صدري، ماذا أفعل، هل أغضب ربي بسبب هذا المرض أم لا؟ ولن أرض لنفسي أن يكون الله غاضباً مني.

أفيدوني، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفوة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن إطلاق البصر يجلب الحسرات، ويغضب رب الأرض والسماوات، ويفوت الخير ويؤخر النجاحات، وهو خصم على مستقبل وسعادة الأولاد والبنات، وقد أحسن من قال:

فإنك متى أرسلت طرفك رائداً ** لقلبك أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ** ولا عن بعضه أنت صابر

ومن هنا تتجلى عظمة هذه الشريعة التي أمرت الرجال والنساء بغض البصر، فقال سبحانه: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)[النور: 30]، ثم بين النتيجة الطبيعية الحلوة لغض البصر بقوله: (ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) [النور:30]، أي: أطهر وأنقى لنفوسهم، ثم هددهم فقال: (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون) [النور:30]، فسبحان من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهذه الآية موجهة للرجال وللنساء، ولكن لأهمية الأمر بالنسبة للنساء كرر التوجيه للمؤمنات فقال: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) [النور:31]، كما أن حفظ الفرج نتيجة طبيعية لغض البصر، وقد صدق من قال:
كل الحوادث مبدأها من النظر ** ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فعلت في نفس صاحبها ** فعل السهام بلا قوس ولا وتر

يسر ناظره ما ضر خاطره ** لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

فاتقِ الله في نفسك، وابتعدي عن أماكن الشباب، واتخذي لنفسك صديقات صالحات، واعلمي أن المرأة إذا عودت نفسها إطلاق البصر جلبت لنفسها آلاماً وحسرات، واشتعل في قلبها نبرانٌ لا تنطفئ حتى بالزواج، وليس أفضل للمرأة من أن لا ترى الرجال ولا يراها الرجال؛ وذلك لأن البصر هو أقصر الطرق إلى القلب، والقلب هو ملك الجسد، ولذلك يتخذ الشيطان هذه الوسيلة. والنظر سهم مسموم من سهام إبليس، وإذا كان السهم مسموماً فانه يتلف الجسد، والنظرة المحرمة تفسد القلب، فيحرم صاحبها من لذة الإيمان، ومن حلاوة الخشوع، ومن راحة البال، ومن التركيز في دراسته، ومن النجاح في حياته.

فغضي بصرك يا فتاة الإسلام وتدثري بحيائك، وحافظي على عفافك، فإن الشباب يفهمون أن النظر إليهم دليل سوء في المرأة، ودليل رغبة في الخنا والشر، وهذا مما يشجع الفساق على إلحاق الأذى بالمرأة التي لا تحافظ على حشمتها وحيائها، ولست أدري متى ستخرج أمتي من هذا النفق المظلم الذي دخلت فيه؟ فإن أعداء الإسلام اقتنعوا أخيراً بخطورة وجود النبات مع الأولاد، فبدءوا في إنشاء جامعات منفصلة للبنات، وكل ذلك حفاظاً على دنياهم فقط، فقد لاحظوا أن النتائج مخيفة، فمتى ننتبه نحن الذين يُحرم ديننا هذا الأمر؟

وهذه وصيتي لك ولشبابنا ذكوراً وإناثاً بضرورة مراقبة الله، وحفظ هذه الجارحة العظيمة، واستخدامها فيما يرضي الله، والحرص على ذكر الله والصلاة، وشغل النفس بالمفيد، وانتظار ما يقدر الكريم المجيد.

ونسأل الله أن يحفظك، وأن يوفقك للخير، وأن يرزقك الزوج الصالح.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً