الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتعامل الزوج مع زوجته التي تتهاون في الصلاة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجتي مهملة جداً للصلاة ولقراءة القرآن، ولا أدري ما هو الحل؟ مع أنني قد حاولت كثيراً، والمشكلة أنها إذا صلت لا تشعر بحلاوة الصلاة، مع أنها مهتمة جداً في عملها وتود دائماً أن تكون الأبرز في لبسها، وفي لفت الأنظار إليها.

أرجو منكم النصيحة، وجزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Walid حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الصلاة هي الميزان لحياة المسلم، وكان السلف إذا أرادوا أن ينظروا إلى أي إنسان نظروا إلى صلاته هذه في الدنيا، أما في الآخرة فإن أول ما يحاسب عليه الإنسان من عمله هو الصلاة، فإن صلحت صلح سائر العمل، وأن فسدت فسد سائر العمل وكان الفاروق عمر رضي الله عنه بكتب لولاته: (إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع).

وإذا كانت الأم هي القدوة لأبنائها فإن محافظتها على الصلاة أمر لا مجاملة فيه، فحرضها على الصلاة وخوفها من عواقب التفريط فيها والتسويف، فإن الله تهدد من يؤخرون الصلاة فقال: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)، [الماعون:4-5]، قال بلال بن سعد بن أبي وقاص لأبيه: (أهم الذين لا يصلون؟ قال: يا بني! لو تركوها لكفروا، لكنهم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها).
ونحن نتمنى أن تكون رفيقاً في نصحك، وأرجو أن تختار الأوقات المناسبة والألفاظ الجميلة المناسبة، ولا بأس من أن تقول لها: أنت ولله الحمد فيك كذا وكذا، وأنا سعيد بك وباهتمامك بمنزلك وبنفسك ولكنني أريد أن أراك مواظبة على الصلاة؛ لأنه لا خير في إنسان لا يطيع الله، وما أحوج هذه الصفات الجميلة التي وهبك الله إلى تاج يزينها وهو السجود لله المنعم المتفضل الوهاب.

كما نتمنى أن تعرف هذه المرأة أنها لن تجد للصلاة حلاوة إلا إذا واظبت عليها، ولذلك يقول سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)، [المؤمنون:1-9].

ومن هنا يتضح لنا أن الإنسان لا يجد الحلاوة والخشوع إلا إذا واظب على أداء الصلاة ودوام على ذلك.

وليس أمامك الآن إلا أن تكرر المحاولات وتظهر الغضب لرب الأرض والسموات، وتحذرها من حلول النكبات وحضور الأجل، وهي في الغفلات واحرص على وضعها مع الصالحات ودفعها إلى مراكز العلم والقرآن والخيرات.

وأرجو أن تكون قدوة حسنة لها ولأبنائك بمواظبتك على الصلاة واهتمامك بأمرها، وعليك بالدعاء لها والصبر على نصحها والإخلاص في ذلك، فإن كلام المخلص يصل إلى القلب، وقد فهمت من سؤالها أنها تصلي لكنها تهمل الصلاة، ولذلك فأرجو أن تعملها خطورة ما يحصل منها، أما إذا كانت لا تصلي فتلك مصيبة كبرى؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، والحرص على طاعته، واعلم بأن الإنسان يرى أثر طاعته لله في نفسه، وأهله وبيته قال تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، [الأنبياء:90].

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً