الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القولون العصبي وعلاجه الدوائي والسلوكي

السؤال

أعاني من القولون العصبي وجربت العديد من الأدوية ولم أشعر بتحسن، فماذا أفعل؟ وأعاني أيضاً من صعوبة شديدة في النوم، علماً بأني أعالج حالياً من كهرباء زائدة بالمخ.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيتها الأخت الكريمة، القولون العصبي هو في حقيقة الأمر يعتبر من الحالات النفسوجسدية، بمعنى أن المركب أو المكون الأساسي لأعراض الإنسان التي يعاني منها هي في المقام الأول أعراض نفسية.

هذه الأعراض النفسية تتمثل غالباً في القلق والتوتر النفسي الداخلي الذي قد لا يشعر به الإنسان، ويكون لدى البعض أيضاً حساسية في شخصياتهم، عدم القدرة على تحمل المظالم وإن كانت بسيطة، بعض الناس يكون لديه مزاج اكتئابي، أو عسر عام في مزاجه، وهذا يظهر في شكل أعراض جسدية، وأكثر الأعضاء التي تنعكس عليها التوترات النفسية هي عضلات الرأس؛ ولذا يشتكي الكثير من الصداع، وهذا نسميه الصداع العصبي.

هنالك أيضاً من تحدث له انقباضات في عضلات الصدر؛ ولذا يأتينا البعض ويشعر بضيق في النفس، ونوع من الكبت الداخلي، وهذا في حقيقة الأمر ناتج أيضاً من القلق، ومن الحالات الشائعة جداً هي انقباضات الأمعاء الغليظة أو ما يعرف بالقولون العصبي، هذه الانقباضات هي في المقام الأول ناتجة من توترات من قلق، من الكتمان الذي يلجأ له البعض، وهذا الكتمان الداخلي، وهذا الاحتقان النفسي يؤدي إلى انقباضات وتقلصات في الأمعاء، وينتج عنه ما يعرف بالقولون العصبي.

هنالك بعض الناس لديهم القابلية والاستعداد أكثر من غيرهم، وربما تكون هنالك مؤثرات أخرى ولكنها ليست أساسية، كنوع الأطعمة التي يتناولها الإنسان، ربما أيضاً تزيد من شدة أعراضه.

القولون العصبي يعالج عن طريق آلياتٍ متعددة ومختلفة، ولا نقول أن الأدوية فقط هي التي تفيد، كثير من الناس يتناول كميات من المهدئات ومن الأدوية المضادة للألم، وقد تتحسن الحالة، ولكن بما أن الشخص لا يلتزم أو لا يكون على معرفة بوسائل العلاج الأخرى في هذه الحالة بالطبع لن يجني ثمار العملية أو الوصفة العلاجية، أيتها الأخت الكريمة، أرجو اتباع الآتي:

أولاً: عليك بالتقليل من الحساسية، لا تتأثري بكل ما يقال أو بكل ما تسمعينه، وعليك أيضاً أن تعبري عن ما بداخلك، الأشياء التي لا ترضيك، حاولي أن تعبري عنها، الجئي للحوار في حدود الذوق والأدب العام، فهو يعتبر وسيلة من وسائل التفريغ النفسي الجيدة جداً.

الكتمان وتراكم الأشياء البسيطة يؤدي إلى احتقانات، وهذه الاحتقانات تؤدي إلى أعراض نفسوجسدية، وهذا بالطبع قد يظهر في شكل تقلصات في القولون .

ثانياً ً: ممارسة الرياضة، فقد وجد أن الرياضة مفيدة جداً، وبالنسبة للإناث قد تكون هناك صعوبة، ولكن حتى في داخل المنزل، المشي، استعمال الدراجة الثابتة، أو أي نوع من التمارين السويدية على السرير، كلها إن شاء الله تفيد وقيمتها العلاجية معروفة جداً .

ثالثا ً: يجب أن ينظم الإنسان وقته، خاصةً النوم، اللجوء إلى السهر، أو التقلبات في دورة النوم، يكون مضراً جداً بالصحة النفسية ويؤدي إلى القلق، وربما يزيد من أعراض القولون العصبي، فأرجو أن تكوني حريصة على ذلك، هنالك آلية من آليات العلاج الهامة، وهي تمارين الاسترخاء، توجد عدة كتيبات وأشرطة في المكتبات الآن توضيح كيفية إجراء هذه التمارين، وهي باختصار يمكن أن تستلقي في مكانٍ هادئ على السرير وتكون الغرفة هادئة، لا يوجد أي ضوضاء أو إزعاج، وتأملي في شيء طيب، أو يمكنك أن تستمعي إلى شريط من القرآن الكريم بصوت منخفض، بعد ذلك اغمضي عينيك، وافتحي فمك قليلاً، خذي نفساً عميقاً وبطيئا، املئي الصدر والبطن، وهذا يجب أن يكون عن طريق الأنف، بعد ذلك أمسكي الهواء في صدرك لفترة خمس ثوان، ثم بعد ذلك أخرجي الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون بنفس القوة والبطء الذي أدخلت به الهواء .

إذن شهيق عميق وبطيء يعقبه مسك للهواء في الصدر، بعد ذلك الزفير، ويكون بنفس العمق والقوة والهدوء، كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرتين في اليوم .

هنالك أيضاً بعض تمارين استرخاء العضلات، ولكنها تتطلب التمرين المباشر .

هذه آليات جيدة من آليات العلاج.

الشق الثاني هو الأطعمة، بالنسبة للمأكولات، أرجو أن تتخيري المأكولات التي جربت سابقاً أنها لا تؤدي إلى الانتفاخ أو سوء الهضم .

الكثير من الناس يلجأ إلى أطعمة معينة، وهنالك الكثير من النصائح في هذا السياق، ولكن أعتقد أفضل نصيحة هي أن التجربة خير برهان، ما لا يفيد من الأطعمة أو يؤدي إلى أي اضطرابٍ في القولون يجب الابتعاد عنه، هنالك بعض المشروبات الجيدة المريحة للقولون العصبي، خاصةً شراب النعناع المركز المغلي يفيد كثيراً في هذه الحالة .

أما بالنسبة للأدوية فهنالك دواءان أراهما الأفضل والأحسن .
الأول هو مزيل للقلق والتوتر، وهو دواء بسيط جداً يعرف باسم موتيفال، فهو دواء موجود في مصر، ورخيص جداً، ولا يكلف، وهو جيد جداً، والجرعة التي تبدئين بها هي حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة صباحاً ومساء لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر أخرى .

هنالك دواء يعرف باسم دسباتلين (Duspatalin)، وهنالك حبة تحتوي على 135 مليجرام، وأخرى كبسولة تحتوي على 200 مليجرام، وأنا أفضل الكبسولة التي تحتوي على 200 مليجرام، أرجو أن تتناوليها يومياً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك تتناوليها عند اللزوم .

هذا الدواء جيد، يؤدي إلى استرخاء عضلات القولون، والدواء الأولى وهو الموتيفال مزيل قطعاً للتوتر الداخلي، وهو دواء بسيط كما ذكرت ولا يسبب أي آثار سلبية .

بالنسبة للشق الآخر وهو أنك تعانين من صعوبات في النوم، فإن شاء الله بتطبيق الإرشادات السابقة وتناول الأدوية التي ذكرتها سوف تجدين أن النوم أصبح يتحسن كثيراً، وعليك بالطبع بتجنب نوم النهار، ولا تتناولي أي شاي أو قهوة أو أي مشروبات أخرى كالببسي تحتوي على الكافيين، لا تتناوليها بعد الساعة السادسة مساءً.

كوني أيتها الأخت الفاضلة حريصة على أذكار النوم، ففيها راحة نفسية كبيرة، تجعل الإنسان ينام نوماً هادئاً بإذن الله تعالى.

أنت ذكرت أنك الآن تتلقين علاجاً من كهرباء زائدة بالمخ، أسأل الله لك الشفاء والعافية، وأنا أحب أن أسمي الأشياء بأسمائها، ربما تكوني قصدت أنك مصابة بنوع من الصرع البسيط، فأرجو أن لا تنزعجي لذلك، والحمد لله الآن توجد أدوية كثيرة وفعالة لعلاج هذه الحالة، وأنا متأكد أنك تتلقين العلاج الصحيح؛ لذا الذي أود أن أوصي به هو الالتزام التام بالعلاج، حيث أن الإنسان إذا التزم بعلاجه ولم تنتابه أي نوبات تشنجات، لمدة ثلاث سنوات، يمكن بعد ذلك أن يرى الطبيب أنه ربما يكون من الأفضل أن يتوقف الإنسان عن العلاج، وإذا استمر الإنسان على الدواء لمدة طويلة، فلا توجد أي خطورة من هذا المرض، ولا توجد أي آثار سلبية أساسية من الأدوية، المهم هو المتابعة، وعليك أن لا تشعري بأي نوعٍ من الوسمة الاجتماعية أو أي نوع من النقص، فهذا المرض يصيب حوالي 2-3 في كل مائتي شخص، إذن هو حالة منتشرة ومعروفة ويمكن علاجها.

ختاماً أسأل الله لك العافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يعجل لك الشفاء .

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً