الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآليات الضرورية لعلاج الاكتئاب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من اكتئاب، منذ شهر تقريباً وهو في ازدياد، علماً أني أتناول الزيروكسات منذ ست سنوات، وجرعتي الحالية هي40 ملجم، وبدأت أتناول البوسبار خلال هذا الأسبوع، ولكن أحس أن الاكتئاب يزداد، وأخذت الزناكس 25، ولكن لا يعطي مفعولاً إلا لفترة ربع ساعة ثم يعود الاكتئاب.
والذي أحس به هو أني لا أشتهي الطعام، وأجد مشقة في الذهاب للعمل، وأداء العمل، وأداء مهام حياتي، فماذا أفعل؟!

جزاكم الله عني وعن إخواني خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالاكتئاب النفسي هو مرض معروف، والاكتئاب يعالج بعدة وسائل، ومنها بالطبع الأدوية، والأدوية قد تختلف في فعاليتها من إنسان إلى آخر؛ وذلك حسب البناء الجيني للإنسان.
ومن الآليات الضرورية جداً لعلاج الاكتئاب:-

أولاً: التأكد من أن الاكتئاب يمكن أن يعالج، فلابد أن تبني هذه القناعة في نفسك.

ثانياً: الاكتئاب يتصيد الناس في أدائهم العملي فيما يخص الحياة اليومية، أرجو أن تنتبه لهذه الحقيقة، وهي أن الاكتئاب دائماً يعطل الإنسان في إنتاجيته وفعاليته وتواصله، ويجعل التفكير السلبي مطبقاً على كل الكيان والوجدان، فلابد أن نتناول المضادات الواجبة لذلك، والمضادات هي أن نصر على العمل، وأن نصر على الإنتاج، وأن نصر على إحسان توزيع الوقت واستغلاله، ونتواصل مع أهلنا وأصحابنا، ونزور أرحامنا، فهذه وسائل فعالة لهزيمة الاكتئاب.

ومنه أيضاً التفكير الإيجابي وهو أن تتذكر أشياء إيجابية عظيمة في حياتك، تذكر هذه الإيجابيات التي في حياتك، وأنا أعرف أنها كثيرة، وأولها وأعظمها وأكثرها أننا قد خلقنا في هذه الأمة المحمدية، وهذا من فضل الله، قس على ذلك، وسوف تجد أن حياتك مليئة بإيجابيات كثيرة لم تنتبه إليها؛ لأن الاكتئاب قد أطبق عليك، أرجو أن تخترق ذلك، فهذا أيضاً وسيلة علاجية فعالة.

ثالثاً: ممارسة الرياضة، حيث وجد أنها تحرك الكثير من الموصلات العصبية التي قد يسبب ضعفها الاكتئاب، فهي تقوي النفوس كما تقوي الأجسام، ولذا أرجو أن تنتبه لها وتمارسها بالتزام وبقناعة أنها سوف تفيد.

نأتي بعد ذلك للأدوية، وهي كثيرة جداً، قال أحد الزملاء الأفاضل - وهو طبيب نفسي معروف -: يوجد 34 نوعاً من الاكتئاب، ولكن بفضل الله يوجد 35 نوعاً من العلاج، إذن الغلبة للعلاج إن شاء الله.

الزيروكسات دواء جيد وفعال، ولكن إذا كنت لا زلت تعاني كل هذه المعاناة، وأنت لم تسترح عليه أو على الأقل في الآونة الأخيرة، فربما يكون من الأفضل أن تنتقل إلى علاجٍ آخر، وأنا في هذه الحالة أرشح العقار الذي يعرف باسم إيفكسر، ولكن لابد أن نكون حذرين جداً في إيقاف الزيروكسات، حيث أنه يتطلب التدرج.

توجد طريقة ممتازة جداً، ابدأ بـ37.5 مليجرام من الإيفكسر، وفي نفس اليوم أنقص الزيروكسات بمعدل نصف حبة أي 10 مليجرام وهكذا، وبعد أسبوعين أضف أيضاً 37.5 مليجرام من الإيفكسر، وأنقص نصف آخر من الزيروكسات، فتكون الجرعة إذن إيفكسر 75 مليجرام، وزيروكسات 20 مليجرام، وسر على نفس منوال السحب والإدخال، أي بعد أسبوعين أضف 37.5 مليجرام من الإيفكسر، واسحب 10 مليجرام من الزيروكسات، حتى تصل إلى جرعة 150 من الإيفكسر، وتكون قد توقفت تماماً عن الزيروكسات.

أرى أن هذا إن شاء الله سوف يكون مفيداً لك.

يصيبني القلق حقيقة حيال تناول الزاناكس، فالزاناكس دواء طيب ولطيف إذا استعمل لفترة بسيطة، ولكن إذا استمر الإنسان فيه وتمادى فيه فهو نفسه يؤدي إلى الاكتئاب، وهذه دراسات صادقة، وهو ليس من الأدوية التي ننصح مطلقاً أن يتناولها الإنسان إذا كان عرضة للاكتئاب، أنت صادق فيما قلته وهو أن مدة فعاليته هي ربع ساعة فقط؛ لأنه يعرف عنه أنه لا يظل في الدم لفترة طويلة، وهذا القصور في مدة بقائه في الدم هو الذي يولد الإدمان، حيث أن الإنسان يصبح في حاجة له، ولذا يتناوله عدة مرات في اليوم، ومما يزيد الطين بلة أن الجرعة يحتاج الإنسان أن يرفعها حتى يتحصل على نفس الفعالية التي كان يتحصل عليها في الوقت السابق، فحاول أن تتخلص منه، ويمكنك أن تتدرج إذا كنت تأخذ كمية كبيرة.

أنت ذكرت أنك تأخذ ربع مليجرام، وهذه الجرعة صغيرة جداً وليست مزعجة، ويمكنك أن تتوقف عنها الآن.

أما البوسبار فهو دواء بطيء، وإذا صبرت عليه فسوف تحصل منه نتيجة إن شاء الله، والجرعة هي 5 مليجرام صباحاً ومساء، ثم بعد أسبوعين أو ثلاثة يمكن أن ترفع إلى 10 مليجرام صباحاً ومساء، ويمكن أن تكون الجرعة حتى 30 مليجرام، وقد يدعم لك بصورة ممتازة الإيفكسر، لكن هذا الدواء يتطلب الصبر، فأرجو أن تصبر عليه، وإذا لم يساعدك كثيراً بعد مرور شهرين فيمكنك التوقف عنه، ويمكن أن نستبدله بالفلونكسول، وهو عقار آخر لطيف وبسيط جداً.

إذن؛ أمامك بحمد لله خيارات كثيرة ومتسعة، فقط عليك العزيمة والتصميم، وتناول الدواء بجرعته الصحيحة، والصبر عليه، مع تطبيق الإرشادات النفسية التي أوردتها لك في صدر هذه الرسالة.

بارك الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً