الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة باللسان مع تعلق القلب بالمعاصي بسبب النساء

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التزمت قبل 7 سنوات وحفظت القرآن كاملاً، ورحلت في طلب العلم، وحفظت ودرست عدداً لا بأس به من المتون، وكنت أصوم يوماً وأفطر يوماً، وأحافظ على قيام الليل، ثم هويت الآن إلى أسفل سافلين حتى أصبحت أترك بعض الصلوات، وخاصة صلاة الفجر، وأشاهد الأفلام وغيرها، ولقد حاولت إصلاح نفسي كثيراً وعدت إلى التحفيظ واعتزلت الناس وذهبت للعمرة ودعوت الله كثيراً أن يُصلحني وتحريت أوقات الإجابة ولكن حالي في تردٍّ، والأخطر أنني لازلت ظاهراً أمام الناس بمظهر الملتزم بسبب مظهري الخارجي، علماً بأن مشكلتي الكبرى هي النساء، كما أني لا أستطيع الزواج، ولذا أرجو منكم المساعدة؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن العاقل إذا شعر أن الناس يحسنون به الظن يحرص على أن يرتفع لحسن مستوى ظنهم، ويسأل الله أن يأخذ بيده إلى الصراط المستقيم، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله أن يردك إلى الصواب، وأن يجعلك ممن يتقيد بالسنة والكتاب.

ولا شك أن شعورك بالخطر هو نقطة البداية الصحيحة فإن الله سبحانه يمهل ولا يهمل، وهو سبحانه يستر على العبد فإذا تمادى ولبس للمعاصي لبوسها هتكه وخذله وأبعده، فعجِّل بالتوبة وكرِّر الأوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول.

واعلم أن توبة الكذابين هي أن يتوب الإنسان بلسانه ويظل قلبه متعلقاً بالمعاصي وذكرياتها ورفاقها وأزماتها وأماكنها، ولذلك جاء في حديث قاتل المائة: (ولكنك بأرض سوء فانتقل إلى أرض كذا وكذا فإن بها أقواماً يعبدون الله تعالى فاعبد الله تعالى معهم)، واعلم أن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، وأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وأن المؤمن من آمنه الناس على أموالهم وأعراضهم.

ولا يخفى على أمثالك أن شريعة الله العظيمة لم تُحرم الزنا فقط ولكنها حرمت كل ما يُوصل إلى هذه الفاحشة فحرمت النظر والخلوة واللمس، ومنعت سماع الغناء لأنه بريد الزنا، وحرمت الذهاب إلى مواطن الخنا والفواحش، وجعلت الزنا من أكبر الفواحش بعد الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله، وهكذا فقد سدت الشريعة كل الأبواب الموصلة إلى الشر؛ قال تعالى: (( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ))[الإسراء:32]، وقال سبحانه: (( وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ))[الأنعام:151]، وأرجو أن تعلم أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين، كما أن شريعة الله أمرت من صعب عليه الزواج أن يسلك سبيل العفاف فقال سبحانه: (( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ))[النور:33]، ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من عجز عن الزواج بالصيام فقال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء).

فاتق الله في نفسك وفي أعراض الناس، واعلم أن هذا الطريق يُوصل إلى الشرور والأمراض التي ربما دفع الإنسان سعادته من أجل نزوةٍ عابرة، وسنة الله الماضية أن يحرم من يتمادى في الحرام من حلاوة الحلال ويجعل حياتهم منغصة، فعجِّل بالتوبة والرجوع؛ ومما يعينك على ذلك ما يلي:

1- اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

2- مراقبة الله في السر والعلن والخوف من انتقامه وأليم عقابه.

3- البعد عن المثيرات من النظر وغيره.

4- شغل النفس بالمفيد ومذاكرة كتاب الله المجيد.

5- تجنب الوحدة فإن الشيطان مع الواحد، والوحدة أفضل من رفاق السوء.

6- البعد عن ذنوب الخلوات فإنها سببٌ لسوء الختام.

7- التقليل من الطعام والعودة إلى الصيام والاستفادة من طاقة الجسم في خدمة الأمة والإسلام.

8- تقوى الله في السر والعلن.

ونسأل الله لك الهداية والثبات.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً