الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخت زوجي مقصرة في حق أمها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
أريد أن أسأل عن حكم الشرع في مشكلة عائلية.

أخت زوجي تشكو إعاقة في ساقها، وهي تعيش بمنزلها قرب والدتها وتعتني بها، مات زوجها منذ سنتين، وقد كان بدوره يخدم أمها، ولكنه يتذمر من ذلك ويشكو منه فقط لزوجته دون أن يظهر شيئاً للأم، فتعيش زوجته المشاكل دون أن تعلم الأم التي أصبحت تقيم معها بصفة دائمة، وتتسبب أحياناً في مشاكل مع أولاد ابنتها (بنت 16، وولد 15 عاماً)، ويزورها مع ذلك بقية أبنائها العشرة في منزل أختهم، علماً بأن حماتي هي التي كونت المنزل لابنتها وساعدتها مادياً كثيراً، وتدفع لها مصروف إقامتها.

في الأيام الأخيرة وقع خلاف بين حماتي وابن ابنتها، فذهبت إلى منزلها وطلبت ابنتها منها أن تجد حلاً لنفسها مع بقية أولادها، ونادت بقية إخوتها وطلبت منهم إيجاد حل لوالدتهم بعيداً عنها.

آسفة على الإطالة، ولكني وضعت التفاصيل حتى يكون الحكم موضوعياً، فهل أخت زوجي مخطئة؟ وكيف يجب أن تصلح الخطأ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ سامية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإن الإحسان إلى الوالدة والحرص على رضاها من واجبات هذه الشريعة المباركة، كما أن طاعة الأم والسير في هواها مقدم على تنفيذ رغبات الابن، والوفاء من شيم الكرام والفاضلات، وطاعة الوالدين من الطاعات التي يجازى عليها الإنسان في الدنيا والآخرة، كما أن العقوق جريمة تطارد أصحابها بالخذلان في الدنيا والآخرة، ويكفي كل عاق أو مقصرة في حق والديها أن يعلموا أنهم سوف يشربون من نفس الكأس، ونحن نتمنى أن تقوموا بدوركم في نصح تلك الأخت حتى تدرك نفسها، وتصبر على والدتها، وتحرض أولادها على برها، كما ينبغي لإخوانهما أن يتسابقوا في الإحسان إلى والدتهم؛ لأن قيام أختهم بالواجب لا يعفيهم، والسعيد هو الذي يعرف قدر هذه العبادة العظيمة التي هي بر الولدين، ويدرك أن الله سبحانه ربطها بعبادته وطاعته.

وأرجو أن تساعدي زوجك على القيام بدوره في بر والدته، وسوف تكونين أول الرابحين من وراء ذلك؛ لأن الله سوف يعوضكم بالأبناء البررة، وسوف ترتفع مكانتك عند زوجك، والأهم من كل ذلك ما تناليه من ثواب الحض على عمل الخير، وسوف يجد زوجك أثر ذلك سعة في رزقه وفلاحاً في حياته.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله، مع ضرورة أن يدرك الجميع أن فاعل المعروف لا يقع، وإن وقع وُجد متكئاً، فكيف إذا كان المعروف هو بر الوالدة التي هي أولى الناس بالبر خاصة في أيام كبرها وضعفها.. ولا ننس أن الله سبحانه نهى عن مجرد قول كلمة (أف)، فكيف بما هو أعلى منها؟! بل إنه سبحانه أمرنا بأن نخفض للوالدين جناح الرحمة كما يفعل الطائر بصغاره حماية لهم من الحر والمطر والقر، قال تعالى: ((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))[الإسراء:23-24].

وشدد السلف في أمر البر حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما: و(لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه. فقيل له من أين؟ فقال: من هذا التلازم في كتاب الله)، فإن الله تبارك وتعالى ربط عبادته ببر الوالدين في عدد من الآيات في كتابه.
ونسأل الله الهداية للجميع.
وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً