الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لشاب ببر والدته في إعانتها على أعمال البيت

السؤال

لدي عادة سيئة أريد أن أقلع عنها، وهي تتمثل في معاملتي غير الحسنة لأمي.

فأمي بسبب -ربما- إمكاناتها البدنية والمعنوية المحدودة لا تقوم إلا بشيء بسيط من أعمال البيت، أما أنا فأقوم بواجبي بالقيام بتحمل قسط من الأعمال المنزلية، وبسبب هذا تتسم معاملتي لأمي في كثير من الأحيان بالبرود وقلة التوقير، وربما رفعت صوتي بكلمة (أف)، والسبب أني أتهمها دائماً داخل نفسي بالتقصير.

أما السبب الثاني: فهو أني أسعى إلى تقديم الأهم على المهم في كل شئوني الدينية والدنيوية، فأنا الآن ليس لدي هم إلا الاعتناء بالصلاة وتعلم العلم الشرعي ولا أهتم لأي شيء آخر.

وفي الحقيقة هذه المعصية أعاقتني في المحافظة على الصلاة، وهو ما دفعني للسؤال.

وأما السبب الثالث فأرجعه إلى الجهل بحقوق الوالدين ومعنى بر الوالدين.

فالرجاء إمدادي بكل المعلومات التي تساعدني على الإقلاع عن هذا الذنب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل / علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإن رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما، والجنة تحت أرجل الأمهات، ومن سعادة الإنسان أن تكون عنده قدرة على مساعدة والديه، وخاصة الوالدة التي حرصت الشريعة على الإحسان إليها، فقال عليه الصلاة والسلام لمن سأله: (من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك)، فالأم هي التي تعبت وسهرت وحملت وأرضعت.

ونحن في الحقيقة نتمنى أن تقوم بكل العمل وتريح الوالدة إذا كان ذلك ممكناً، فإن لم يكن ذلك ممكناً فلا تتركها تعمل الأشياء الصعبة، واعلم أن الواحد منا لو أطعم والديه بيده لكان مقصراً، وقد قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه لمن قال: إني أتولى من أبوي ما توليا مني في الصغر –يقصد النظافة من الأوساخ– ، فهل ترون أني أديت حقهما؟ فقال له: لا والله ما أديت حقهما، فقال ولم؟ قال: لأنهما كانا يفعلان ذلك ويتمنيان لك الحياة والخير وأنت تفعل ذلك وتتمنى الخلاص مما أنت فيه، لا والله ما أديت حقهما. ونقل مثل هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً.

وقد أحسنت باهتمامك بالعلم الشرعي، ولكن حق الوالدة مقدم على طلب العلم ومقدم على صلاة النافلة، ولعلك سمعت بقصة جريج العابد التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أنه قدم صلاته على إجابة أمه فغضبت عليه، وقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات. واستجاب الله دعوتها، أما إذا كان الإنسان في صلاة فريضة فإنه يواصل الصلاة ويخففها ثم يلبي نداء والديه.

وقد ضرب سلف الأمة الأبرار أروع الأمثلة، فهذا حيوة بن شريح كان يدرس الطلاب، فكانت أمه تأتيه فتقول: يا حيوة! قم وأعط الدجاج عشاءه، فكان ينهض مسرعاً ويقول لطلابه: تعليمكم نافلة وإجابة أمي واجبة، وكان إذا فرغ من المهمة قال لها: أكل الدجاج، فتدعو له.

وظل محمد بن المنكدر يدلك رجل والده ليلة كاملة، وكان أخوه عمر يصلي الليل كله، وفي الصباح قال رحمة الله عليه: (والله ما أبالي بصلاة من صلّى حتى أصبح وما وددت أن ليلته بليلتي).

وقد أسعدني اهتمامك وسؤالك، وإنما شفاء العي السؤال، وأنت -ولله الحمد- على خير، فانتبه لوالدتك واطلب رضاها لتفوز بصالح دعائها فإن دعوتها أقرب للإجابة.

ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يلهمك السداد والرشاد، وأبشر فإن الوالدة يرضيها القليل وهي بلا شك تحبك وتتمنى لك كل خير.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً