الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق وخوف بسبب النظرة السلبية من الآخرين

السؤال

السلام على كل الإخوة الأفاضل ورحمة الله وبركاته!
مشكلتي أني أحس أني مزدوجة الشخصية، فأنا لا أستطيع أن أكون على طبيعتي طول الوقت، فأحياناً أكون عادية وهذا نادر، وأحياناً متوترة وأحياناً عصبية لا أستحكم بأعصابي حيث أصبحت في الفترة الأخيرة أحس في ضغط في رأسي إذ عصبت كثيراً، وسبب عصبيتي الأساسي أني أحس أن أناساً من عائلتي تكرهني لأني دائمة العبوس، وهم لا يحبون الطبع العبوس أبداً وأنا لست دائمة العبوس ولكني أخاف وأقلق كثيراً، وأصبح طبعي الخوف والقلق في كل شيء حتى أبسط الأمور، فيعتقدون أني عابسة، أي عندما أخاف أكون أفكر في القلق، ولا يقدرون أني لا أستطيع التحكم بقلقي والقولون، نحن نحب الشخص البشوش ولا نحب الشخص النكد، فهل عائلتي هم المخطئون أم أنا، وهل أعاقب على قلقي.
أفيدوني أنا في حيرة شديدة وآسفة للتطويل وجعل اللهم لكم من كل هم فرجاً ومن كل داء دواء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ القلقة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالطبع يختلف الناس في سمات شخصياتهم وفي طبائعهم وفي ميولهم وكذلك في قيمهم، أنا لا أعتقد أنك مصابة بشخصية مزدوجة أبداً كما ورد في رسالتك، أنت لديك درجة من القلق، لديك درجة من تقلب المزاج، وهذا يوجد وسط 40 إلى 50% من الناس، ولكن أعتقد أنك أيضاً حساسة جداً مما جعلك تراقبين مشاعر الآخرين نحوك بشيء من الدقة والتحفز، وهذا بالطبع أدى إلى نوع من الظنانية أو إلى نوع من الإسقاط، أرجو أيتها الأخت الفاضلة الكريمة أن لا تعتقدي أن نظرة الآخرين نحوك سلبية أبداً ليس من الضروري هذا، نحن لا نستطيع أن نقنع أو نرضي كل الناس، أنت كوني متواصلة معهم حاولي أن يكون الذوق هو الإطار العام والمنهج العام في تواصلك مع الآخرين، بالطبع حاولي أن تتجنبي العصبية، حاولي أن تلتزمي بكل واجباتك الاجتماعية من مساعدة للآخرين، من تواصل، من فعالية، من إبراز الذات، وذلك من خلال الأعمال الفاضلة، الأعمال التي تفيد الآخرين، هذا سوف يجعلك إن شاء الله تكونين مقبولة للآخرين. أعتقد أنك أنت الآن مقبولة ولكن الحساسية الشديدة في شخصيتك هي التي جعلتك تنظرين للأمور بهذه الطريقة وتعتقدين أن الآخرين ينظرون إليك كشخص عبوس لا يمكن التواصل معه.
أكرر أن لكل إنسان سماته الخاصة، لكل إنسان شخصيته، ويجب أن يعرف الآخرين أن ليس من حقهم أن يفرضوا قيمهم عليك، وليس من حقك أنت أيضاً أن تفرضي قيمك عليهم بذلك أقصد القيم الشخصية، كثيراً ما نعتقد أننا مثاليين في تصرفاتنا وأفكارنا ومُثلنا، ولكن هذا الكلام في كثير من الأحيان يكون ليس في الدقة وليس بالصحيح مطلقاً.
إذن لا تكوني حساسة حاولي أن تبرزي وأن تسخري طاقاتك إلى ما هو مجدي ومفيد.
أختي الفاضلة الكريمة! أرى أنك سوف تستفيدين أيضاً من تناول أحد الأدوية المضادة للقلق لا مانع في ذلك هنالك أدوية بسيطة وجيدة تعرف بالمطمئنات الصغرى منها عقار يعرف باسم (موتفال) وهو بسيط جداً ومتوفر في الصيدليات، يمكنك أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة ليلاً، هذا الدواء يفيد كثيراً، تناوليه لمدة ثلاثة أشهر، وهذا إن شاء سوف يكون كافياً لأن يجعلك تعيشين في استرخاء وسكينة داخلية، وهذا بالطبع سوف تكون له نتائج إيجابية كبيرة جداً في التواصل مع الآخرين وأن تقل لديك درجة الحساسية.
عليك أن تمارسي أيضاً تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء حقيقة هي من آليات العلاج الممتازة جداً خاصة للأشخاص القلقين المتوترين، الأشخاص الذين يجسدون ويعظمون صغائر الأمور يستفيدون كثير جداً من تمارين الاسترخاء. هنالك كتيبات وأشرطة كثيرة جداً توضح كيفية إجراء هذه التمارين، وهي في صورها البسيطة يمكن أن تستلقي في مكان هادئ وتتأملي في شيء طيب، أغمضي عيونك ثم بعد ذلك أفتحي فمك قليلاً، وخذي نفس شهيق ببطء وقوة شديدة عن طريق الأنف ثم بعد ذلك أمسكي أو أقبضي على الهواء في صدرك ثم بعد ذلك أخرجي الهواء عن طريق الفم وهذا هو الزفير، ويجب أن يكون أيضاً بنفس القوة والبطء التي حدث بها الشهيق. كرري هذا التمرين أربع إلى خمس مرات بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم وسوف تجدين إن شاء الله أنه ذو فائدة كبيرة.
أنت الحمد لله لا زلتي في مقتبل العمر وأمامك الكثير الذي يمكن أن تقومي به.
أرجو أن لا تضيعي وقتك وزمنك وتنشغلي بهذه الأمور البسيطة، عليك أن تنطلقي في حياتك بصورة إيجابية، كوني أكثر فعالية وابني مستقبلك بصورة أفضل.
لا شك أن مصاحبة الصالحين والأفاضل من الناس تجعلهم دائماً ينظرون إليك النظرة الإيجابية، وأنا على ثقة أنهم يمكن أن يسدوا لك النصح في المواقف التي تتطلب النصح، فأنت لا شك حريصة على مصاحبة الأخوات الفاضلات من هذا الطراز الذي ذكرته.
بارك الله فيك وجزاك الله خير وأسأل الله لك العافية وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً