الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوة من ألحد بعد إسلامه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت أتحدث عبر الإنترنت مع شخص تعرفت عليه على أنه داعية ديني ودارس للفقه وعلوم الدين، وكان حديثنا كتابة فقط ولا شيء غير ذلك، وكنت أسأله وأستفسر منه في بعض الأمور الخاصة بديننا الحنيف وما إلى ذلك، ثم انقطعت فترة كبيرة عن الإنترنت لأعود وأرى المفاجأة! وجدت هذا الشخص وقد تحول إلى النقيض تمامَا واتجه إلى الإلحاد، بل إنه أنشأ موقعاً خاصا يتطاول فيه هو ومجموعة من ضعاف النفوس على الذات الإلهية مما صدمني بشدة ... فكيف لإنسان كان بمثل هذه التقوى وهذا العلم أن يتحول إلى النقيض بهذه الطريقة البشعة؟
بدأت أتحدث إليه مرة أخرى على سبيل من رأى منكم منكراَ... ودعوته إلى الرجوع للحق مرة أخرى والبعد عن هذا الضلال بالمنطق والإقناع فلم يستجب.

فماذا أفعل؟ هل أكف عن الحديث معه أم أنه من الواجب أن أستمر في دعوته إلى الرجوع عن هذا الضلال؟

ولكم مني وافر الشكر والاحترام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الدعاة الصادقين والعلماء العاملين.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فسبحان مقلب القلوب، وسبحان الذي كل يوم هو في شأن، ولذلك كان حبيبك صلى الله عليه وسلم يدعو كثيراً بهذا الدعاء: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وكان كذلك من دعائه عند خروجه من منزله: (اللهم إني أعوذ بك أن أزِل أو أُزَل أو أضِل أو أُضَل)، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل فعلاً على إمكانية التحول مهما كانت قوة إيمان الإنسان، ويفسر هذا لنا شدة خوف الصحابة من سلب الإيمان قبل الموت حتى قال الحسن البصري: (لا يأمن النفاق إلا منافق)، فما عرفته من حال هذا الأخ إنذار لمثلي ومثلك، بل ولجميع المسلمين ألا يغتر أحد بصلاته أو عبادته أو علمه، وإنما الموفق من وفقه الله، وأنه يجب على العبد أن يظل على علاقة حسنة وطيبة مع الله جل جلاله، وأن يكثر من الأدعية الخاصة بثبات الإيمان كما أشرت سابقاً، ونسأله السلامة والعافية.

وأما بخصوص رغبتك أو سؤالك عما تفعله مع هذا الأخ فهذا متوقف على مستواك العلمي وتمكنك من العلم الشرعي ومهارتك الدعوية، لأنني ما دمت لا أجيد السباحة فيجب علي ألا أنزل في المياه العميقة أو أواجه الأمواج العاتية العالية، (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))[البقرة:286]، ولكل ميدان فرسانه، فإذا كنت واثقاً من قدرتك على إقناعه وإقامة الحجة عليه دون أن تتأثر بكلامه أو أن تنتقل إليك بدعته وانحرافه، فتوكل على الله وواصل دعوته عسى الله أن يهديه على يديك، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتك، وإن كان الأمر على خلاف ذلك فلا تكلف نفسك ما لا طاقة لك به، واترك أمره لله عز وجل، ولا تعرض نفسك للخطر بالحديث إليه، ويمكنك الاستعانة ببعض الدعاة الأكبر منك سناً والأكثر علماً وخبرة ليناقشوه.

وهذا ممكن جداً؛ لأن البدع والمعاصي لها عدوى خطيرة، وقد تنتقل إليك ببعض الشبه وأنت لا تدري فتؤثر على دينك واستقامتك.

وبالله التوفيق والسداد.
---------------------------
انتهت إجابة المستشار ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول نفس الموضوع: ( 110750 - 277492 - 110826 - 269555 ).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً