الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعرف مقامي عند الله؟

السؤال

أنا زوجة وأم لثلاثة أطفال ( 9- 5- 2 سنوات ) وعاملة، أتقي الله ما أستطيع في كل شيء، وأحاول أن أرضي الله وأن أتقرب منه، أحب الله حباً شديداً، عندي إحساس داخلي وحقيقي أنه خالقي، ربي، إلهي، وليي، ناصري، وكل ما أملك وما لا أملك. وأنا أكتب هذه الكلمات وأنا متأثرة كثيراً، ابتليت كثيراً وأعطيت كثيراً بالسؤال وبدون سؤال.

كيف أعرف مقامي عند الله؟ وهل هو راضٍ عني أم لا برغم أعمالي القليلة، وأخطائي وتفريطي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفيظة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إننا نبشرك بهذه المشاعر، ونسأل الله أن يصلح لك الظاهر والسرائر، وأن يجعلك قدوة للصالحات الحرائر، وأن يصلح لك النية والذرية، وأن يجنبك المخاطر، ومرحباً بك في موقعك بين آباء وإخوان يسعدهم أن يسمعوا الخير والبشائر.

قد أحسن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز في قوله: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار) وقد أفلح من صبر عند البلاء وشكر لله النعماء، (وعجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

أنا في الحقيقة لا أستطيع أن أخفي فرحي بهذه الاستشارة التي تبعث في النفوس روح الحب للكريم الوهاب، ومن حب المؤمن لله تنطلق سائر المحاب وعلى الحب في الله تدور نواميس الكون، والحب المقبول ما كان في الله ولله وعلى مراد الله.

والمؤمنة تحب ربها ورسولها وتحب كل ما أحبه الله، وتحب بعد ذلك والديها وزوجها وأبناءها وبناتها وأخواتها في الله، وتحب أهل الإيمان بقدر ما عندهم من الإيمان وتكره في أهل العصيان معصيتهم لله.

أما بالنسبة لمقامك عند الله فإن السبيل إلى معرفته يكون بإتباع رسوله والتمسك بما جاء به قال تعالى: ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ))[آل عمران:31] كما أن الحرص على النوافل بعد الفرائض مما يجلب محبة الله كما جاء في الحديث القدسي: (وما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولئن سألني لأعطينه ولأن استعاذ بي لأعيذنه) وفي هذا دليل على أن إجابة السؤال وتحقيق المطالب من علامات حب الله للعبد، كما أن التوفيق لعمل الخير دليل على ذلك كما جاء في قصة المرأة الصالحة التي سمعها رجل من السلف وهي تقول في جوف الليل: (اللهم إني أسألك بحبك لي أن تعطيني ... فقال لها وكيف عرفت أنه يحبك؟! ألا تقولين اللهم إني أسألك بحبي لك ... فقالت له: ليست المشكلة أن تحب (بكسر الحاء) ولكن الفلاح أن تحب (بفتح الحاء)، ثم قالت له: لولا حبه لي ما أقامني وأقعدك).

وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه، ولسالم مولى ابن أبي حذيفة بحبهم لله وبحب الله لهم، وبشر من أحب صفة الرحمن بحب الله له - ونسأل الله أن يرزقنا حبه، وحب من يحبه وحب العمل الذي يبلغنا حبه.

قد عد سلف الأمة الأبرار الاستمرار على الطاعات من علامات حب الله للعبد واعتبر الانشراح والفرح الذي يجده الإنسان بعد الطاعات من علامات القبول عند الله، كما جعلوا قبول الناس وحبهم للإنسان من علامات حب الله له مع ضرورة أن يكون ممن يقدم طاعة الله على رضى الناس.

هذه وصيتي لك بتقوى الله، وأبشري بحسن ظنك بالله وهو سبحانه القائل في الحديث القدسي: (أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء) ونسأل الله أن يرزقك السداد والثبات ومرحباً بك مجدداً ونسأل الله أن يرفع لك الدرجات.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً