الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دور البيئة والتربية في بناء القناعات ورسم الأهداف للإنسان في حياته

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا شك أنه في الحاضر كل جهة تسعى وراء المال والشهوات وزينة الحياة الدنيا التي لا تنتهي، فالبعض يترك الراحة والحرية والسلام من أجل السعي وراء الفساد والشهوات وكثرة النقود التي لا تترك في غالب الأحيان إلا المشاكل والمتاعب والدمار لأصحابها.

سؤالي لفضيلتكم يا شيخنا هو: لماذا كل هذا السعي وراء أشياء لا تجدي نفعاً سوى الشر في معظم الأحيان وتترك الأفعال المهمة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونحن سعداء حقاً باتصالك يا ولدي، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.

بخصوص ما ورد برسالتك، فإن سنة الله قد جرت أن يجعل لكل إنسان شيئاً يدور حوله في حياته ويكرس جهده كله له، وهذا الشيء أو الهدف يختلف باختلاف التربية والبيئة والزمان والمكان، ويختلف كذلك من حيث الأهمية، فليست الأشياء كلها في درجة واحدة من الأهمية، وأهم شيء ينفع الإنسان في دنياه وآخرته هو أداء حق الله عليه؛ لأنه إن قام بذلك فقد ضمن سعادة الدنيا والآخرة حيث قال سبحانه: ((فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى))[طه:123]، وقال: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[النحل:97]، فأداء الوظيفة التي من أجلها خلق الله الإنسان والاهتمام بها وتقديمها على كل ما سواها يترتب عليها كل خير في الدنيا والآخرة، ولن يستطيع الإنسان تحديد هدفه بدقة والوصول إلى الصواب في تحقيقه إلا بفضل الله وتوفيقه أولاً، ثم بفضل التربية والتوجيه الذي يتلقاه من خلال بيئته والتي أهمها الأسرة والمدرسة والمسجد والمجتمع الذي يعيش فيه، وخير مثال على ذلك جيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فإذا أخفقت هذه المؤسسات أو قصرت في أداء رسالتها ظهرت هناك أهدافاً أخرى كانت هي بحور الارتكاز في حياة العبد، وبذلك يقل إقباله على الطاعات أو يفهمها فهما قاصراً أو خاطئا فتتراجع عنده أهمية الوظيفة التي خلقه الله من أجلها وتتقدم عنده أهمية الدنيا بما فيها من شهوات ومغريات وفتن وأموال وغير ذلك، ويصبح هذا هو هدفه الحقيقي وشغله الشاغل الذي يفني عمره كله في تحقيق المزيد منه خاصة إذا كانت العوامل الخارجية كلها تساعد على ذلك، وهذا مع الأسف الشديد هو حال السواد الأعظم من المسلمين خاصة في بلاد الغرب ودول الكفر الذي يجد المسلم كل شيء فيه يشجع على ذلك في حين ينعدم أو يقل ويندر من يساعد على تحقيق الوظيفة الأساسية أو يساعد على ذلك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً