الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن يؤذي الخلق الحسن صاحبه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإخوة الأفاضل: زادكم الله من فضله، وزادكم ورعاً وعلماً، أما بعد:

فرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يوصي بالأخلاق الطيبة: (أحاسنكم أخلاقاً...) الحديث؛ فما هو الخلق الحسن؟ وهل يؤذي الخلق الحسن أحياناً صاحبه؟

فمثلاً عندما أسمع أن كريماً أكرم أحداً، وأسمع أناساً يقولون: ما باله سوف يجعل الناس تحسده وتطمع في ماله؟ أو إذا عفا شخصٌ عن شيء فيقول الناس: إنه ضعيف، فيستقوي الناس عليه.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع .ا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن رضا الناس غاية لا تدرك، وكلامهم لا ينتهي، وإذا مدحوا الإنسان اليوم ذموه في الغد، ولذلك حرص العقلاء والفضلاء على طلب رضا الله، وإذا فاز الإنسان برضا الله فإنه سبحانه يرضي عنه الناس ويلقي له القبول في الأرض.

والعمل المقبول ما كان لله وعلى هدي رسول الله، والعمل من أجل الناس رياء، وترك العمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يُعافى العبد منهما، وليس للخلق الحسن ضرر، كما أن الخلق لا يكون حسناً إلا إذا قصد صاحبه بعمله وجه الله، ولم يلتفت إلى ذم الناس أو مدحهم وقطع الطمع عنهم، وحسد الناس لا يضر الإنسان إذا واظب على ذكر وطاعة الرحمن، وكان من أهل الفضل والإحسان، ولم يبخل على المحتاجين والأيتام.

وليس من يعفو مع القدرة ضعيف، بل هو القوي حقاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) والذي يقهر نفسه أعظم من الذي يفتح مدينة، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من يعفو ويصفح ويسامح فقال: ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين ما شاء ) وقد مدح الله الأخيار فقال: (( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))[آل عمران:134]

وأرجو أن تتمسكي بالأخلاق الفاضلة وتشجعي محارمك من الرجال على التمسك بالأخلاق الفاضلة، مع ضرورة أن يكون ذلك طاعة لله الذي أرسل رسوله ليتمم مكارم الأخلاق بعد أن أدبه فأحسن تأديبه.

وهناك فرق بين العفو والعجز والضعف، ولا بد من تصحيح المفاهيم، والعفو والمدح ما كان لله، وعن مقدرة واختيار، فليس المكره بطلاً وليس المتهور شجاعاً.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً