الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة السهو في الصلاة والشك في عدد ركعاتها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في حالة سيئة جداً، وخائفة أن يكون هذا غضب من ربي علي!
أنا من فترة كلما أصلي فرضاً عند السجود أنسى كم مرة سجدت فأسجد مرة أخرى، ولا أدري أصليت أربع أم خمس ركعات أم ثلاث، وأنا خائفة من ربنا!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ AS حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن.

بخصوص ما ورد برسالتك -حفظك الله- فإني أحب أن أقول لك بأن هذه الحالة ليست بحالة مرضية وليست حالة سيئة، وإنما هي حالة تدل على أن الشيطان قد عجز عن أن يمنعك من الصلاة، وأنك أصبحت على درجة من الإيمان عالية؛ ولذلك يجتهد الشيطان عليك بأن يفسد عليك الصلاة، هو عجز أن يمنعك من ترك الصلاة، وعجز أن يمنعك من الوضوء، وعجز أن يمنعك من ذكر الله تعالى، وعجز أن يمنعك من الحجاب وعجز أن يوقعك في المعاصي، فلجأ إلى هذه الحيلة الجديدة وهي مسألة السرحان في الصلاة حتى لا تدري ماذا قرأت ولا كم صليت! هذا الذي حدث معك حدث مع كبار الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – ولذلك أبشرك بأنك على خير، لماذا؟ لأن هذا الأمر يحدث لأصحاب الإيمان الكبير، لأصحاب الإيمان القوي، لأصحاب المحافظة على الطاعة، فعندما عجز الشيطان عن الدخول في المعركة خارج الصلاة بدأ يُدخل المعركة إلى داخل الصلاة.

والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله عندما سأله أحد الصحابة الكبار: (إني أدخل الصلاة فلا أدري ماذا قرأت ولا كم صليت! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يسمى خنزب) هذا الخنزب متخصص في إفساد الصلاة؛ ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام علمنا كيف ندفع هذا الشيطان عن أنفسنا، فالنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا إذا جاءنا هذا الخنزب ونحن في الصلاة ماذا نفعل؟
أولاً: أن تستعيذي بالله (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
وثانياً: أن تتفلي عن يسارك ثلاثاً، والتفل ليس معناه البصاق، وإنما التفل إخراج الهواء مع شيء من الريق البسيط على يدك اليسار ثلاث مرات، هذا في داخل الصلاة.
ثم هنالك أمور -بارك الله فيك- تلزمك قبل الصلاة، فتجتهدي أن تبدئي وضوءك قائلة: (بسم الله) وبعد انتهائك من الوضوء تقولي الذكر الذي علمك إياه النبي عليه الصلاة والسلام: (أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، وبعد انتهائك من هذه الأذكار تدخلين في الصلاة، وقبل أن تدخلي فيها توقفي برهة بسيطة جدّاً، وحاولي أن تهيئي نفسك بأنك الآن ستدخلين في الصلاة وتقبلين على الله تعالى، اجتهدي قدر الاستطاعة -بارك الله فيك- فالأشياء التي كنت تفكرين فيها قبل الصلاة حاولي إزاحتها من عقلك الآن، واجعلي تفكيرك كله في الصلاة والوقوف بين يدي الله تعالى، بعد تكبيرة الإحرام لا تنسي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واجعلي هذا في كل ركعة من ركعات الصلاة، واقرئي القراءة بتأني، وحاولي أن تركزي على ما تقرئين، لا تصلي في مكان فيه أشياء تلفت الأنظار كأن تكون السجادة فيها زخارف أو على جدران البيت صور؛ لأن هذا يكون مدخلاً للشيطان.

فاجتهدي بأن يكون الجو مهيأً للخشوع، واجعلي دائماً نظرك في موضع السجود، ولا تحركي عينيك وأنت داخل الصلاة، فبإذن الله تعالى مع هذه الأمور كلما جاءك الشيطان، وأحدث عندك نوع من البلبلة، ثلاثة أو أربعة سجدت أو لم تسجدي، استعيذي بالله عز وجل، واتفلي عن يسارك ثلاثاً، وواصلي الصلاة ولا تخرجي منها، ولا تكرري، وبعد أن تنتهي من الصلاة وقال لك أنت لم تفعلي كذا فلا تشغلي بالك بذلك، وإذا مثلاً قمت إلى الركعة الثانية وقال لك أنت سجدت سجدة واحدة، فما دمت لست متأكدة مائة بالمائة لا تعودي إلى السجود مرة أخرى، افعلي عكس ما يقوله لك، افعلي عكس ما يأتي على ذهنك، وأنا واثق - بإذن الله تعالى - في خلال أسبوع أو أسبوعين ستكونين قد عُوفيت من هذا كله نهائياً، فقط أهم شيء أن تفعلي عكس ما يقوله الشيطان لك، في الوضوء وفي الصلاة وفي أي شيء، إذا قال لك أنك ما مسحت رأسك فلا تضعي يدك على رأسك، وإذا قال لك أنك غسلت رجلك اليمين وتركت الشمال فلا تغسلي قدمك الشمال، وإذا قال لك أنك تركت سجدة فلا ترجعي، وبإذن الله تعالى في فترة بسيطة سوف تعافين وتكونين من أروع ما يمكن.

وأكثري من الدعاء أن يعافيك الله تعالى من هذا؛ لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، والدعاء سلاح المؤمن الرائع، فعليك به - بارك الله فيك - وأسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، ونتمنى أن تبشرينا قريباً بما أكرمك الله به.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً