الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب والقلق والخجل وتقلب المزاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 22 سنة، وأعاني من الحالات الآتية:

1- إحساس بالاكتئاب والضيق من سن 14 سنة وتزايد عندي بمرور السنين.

2- الخجل الشديد ويتزايد عندي الخجل بحيث أصبحت أخجل حتى من أهلي الذين لم أخجل منهم قط سابقاً.

3- التفكير المتواصل طوال الوقت وأسوأ تفكير هو عندما أفكر في وضعي حيث أفكر مع نفسي وأقول قبل الخروج للسوق مثلاً: كيف سأخرج وأمشي أمام الناس بهذا الوضع؟

4- القلق والتوتر وألحظ استغراب المقابل من تصرفاتي.

5- قلة أو فقدان الشعور والإحساس.

6- التقلب الكبير في المزاجية حيث أكون منبسطاً ومنشرحاً في بعض الأحيان ومتوتراً ومكتئباً بدون سبب في أحيان أخرى.

7- التكاسل عن العمل والخمول.

8- الانطواء عن المجتمع وقلة خروجي من البيت.

وبالرغم من هذا يراودني التفكير بالانتحار إلا أنني لا أفكر كثيراً بالانتحار خوفاً من عقاب الله عز وجل.

قبل فترة بحثت عن أسماء لأدوية مضادة للاكتئاب، ولم أجد من هذه الأدوية إلا الفلوكستين وهو الوحيد المتوفر بالصيدليات في مدينتي. وقمت بتناوله من أسبوع وبمعدل حبتين في اليوم صباحاً ومساء. فهل يناسبني الفلوكستين؟ كما أرجو تشخيص حالتي بالضبط.

مع شكري الجزيل لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد نجم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك هي أحد حالات القلق النفسي، وهذا القلق أيضاً تحول إلى ما يعرف بـ (القلق / الخوف / الرهاب الاجتماعي) وهو من الدرجة البسيطة، ولديك أيضاً نوع من الاكتئاب الثانوي البسيط أو ما يعرف بـ (عسر المزاج).

أرجو ألا تنزعج لكل هذه المسميات، فهي جميعها تأتي تحت مضمون تشخيصي واحد وهو الاضطرابات الوجدانية البسيطة.

من الضروري جدّاً أن تكون لك الثقة في نفسك وأن تعرف أن هذه الحالة حالة بسيطة، وبالطبع ينتابك أيضاً القلق التوقعي، فأنت حين تقوم على الإقدام على أي عمل تضع في تفكيرك ما سوف يحدث لك من قلق وتوتر، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى نوع من التأخير أو التعطيل أو الإعاقة النفسية البسيطة.

الذي أرجوه منك هو أن تقسم أو تجزأ الفعل الذي تود أن تقوم به: انوِ أولاً ثم بعد ذلك قل: (سوف أقوم بإنجاز المرحلة الأولى – مثلاً – ولن أشغل نفسي بالمرحلة التي سوف تأتي أبداً قبل أن أبدأها) فإذا أردت مثلاً أن تزور بعض الأقارب أو الأصدقاء ما عليك إلا أن تحضر نفسك لذلك ثم بعد ذلك تخرج من المنزل ولا تشغل نفسك مطلقاً بما سوف يحدث لك حين مقابلتهم، خذ الأمور كما تأتي، فأنت لديك القدرة ولديك المقدرات التامة، وبعد أن تصل إليهم خذ نفساً عميقاً وبانشراح تام وقم بالتحية والسلام عليهم بأفضل ما يكون، وبعد ذلك سوف تجد أن الأمور أصبحت بسيطة جدّاً.

هذا بالطبع مثال مبسط لكيفية أن يقوم الإنسان بتقسيم أو تجزئة الفعل الذي يود القيام به؛ لأن ذلك يوقف تماماً القلق التوقعي أو ما يعرف بـ (قلق الانتظار).

بصفة عامة عليك ألا تهتم أبداً لهذه الأعراض وتجاهلها وحاول أن تعيش حياتك بصورة طبيعية جدّاً. وسيكون من المفيد لك ممارسة رياضة المشي لأن رياضة المشي تقلل أو تحرق طاقات القلق، ويا حبذا أيضاً لو لجأت إلى الرياضة الجماعية فهذه الرياضة تعطيك أيضاً التفاعل مع الآخرين وهذا يقلل من الخوف والرهبة والتردد والخجل، وحضور حلقات التجويد وجد أنه مفيد جدّاً، فهنالك ملاحظة علمية أن الذين يترددون على حلقات التلاوة حتى ولو كانت لهم صعوبات كنوع من القلق أو التوتر أو الخوف في أول الأمر بعد ذلك تجد - بفضل الله تعالى – أن شخصياتهم قد تغيرت وأن البناء النفسي لديهم قد تحسن وأنهم قد تجاوزوا مراحل القلق والتوتر.

لا شك أن أمر الانتحار أمر مرفوض بكل مقاييس الدنيا وبكل مقاييس الآخرة، فهو أمر حرام قطعاً والنفس عزيزة ومكرمة والله هو المعطي وهو الآخذ، وهذا أمر لا يقبل النقاش مطلقاً.

أما بمقاييس الدنيا فأنت لديك الكثير الذي يمكنك أن تعيش من أجله، ونسأل الله لك التوفيق، وحاول أن تكون إيجابياً في تفكيرك.

أما بالنسبة للعلاج فإن الفلوكستين يعتبر علاجاً جيداً لمثل هذه الحالة، ربما لا يكون هو الدواء المثالي، الدواء المثالي هو عقار زولفت أو عقار فافرين، ولكن الفلوكستين أيضاً سوف يقوم تماماً بهذا الغرض العلاجي، فقط عليك الاستمرار بنفس الجرعة وهي: أربعين مليجراماً، وهي كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر على الأقل، ثم بعد ذلك يمكنك أن تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم وتستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى.

إذن أرجو أن تتبع الإرشادات السابقة وتتناول الدواء الموصوف، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات التالية: علاج الاكتئاب سلوكياً : ( 237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121 ) والقلق: ( 261371 - 263666 - 264992 - 265121 ) والخجل: (267019 - 1193 - 226256 ).
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً