الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب الخوف في الليل والعصبية الزائدة ونتف الشعر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

مشكلتي هي أنى تعبانة وغير عارفة إذا كان هذا مرضاً نفسياً أو مجرد توهم بالمرض.

أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة، دائماً حاسة بخوف بالليل لدرجة أني لا أعرف أنام! ودائماً أتجنب النوم، دائماً عصبية زيادة عن اللزوم، ودائماً أنتف شعر رأسي بدون سبب، وحاسة دائماً أن أحسن حل أن أكون لوحدي بعيدة عن أي أحد، حاسة أن حلي الوحيد والذي يريحني أني أبعد عن الناس وعن أهلي ودائماً أشعر أني لا أحب نفسي وأريد أؤذيها، دائماً أقول كلاماً غلطاً عن نفسي للذي حولي، وأحاول أجرح نفسي أمام الآخرين، ولما أكون في مكان أحاول أني أبعد عن الناس بقدر المستطاع.. يا رب! ألاقي حلاً للمشكلة.

آسفة للإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Shimaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنك - إن شاء الله تعالى – لست متوهمة ولا تعانين أيضاً من علة مرضية أساسية، فقط كل الذي تعانين منه هو نوع من القلق النفسي، وهذا القلق أدى إلى بعض المخاوف خاصة الخوف من الليل وربما من الظلام وهذه ظاهرة معروفة جدّاً، ولديك أيضاً نوع من الاندفاع النفسي أدى إلى الميول إلى نتف الشعر، وهذه واحدة من العلل النفسية المعروفة جدّاً والمرتبطة بالقلق النفسي، وقد رآها البعض أنها تأتي أيضاً تحت الوساوس القهرية الفعلية – أي الوساوس القهرية التي تظهر في شكل أفعال عصابية - .

أما بالنسبة لمحاولة انعزالك عن الآخرين وتفضيل أن تظلي لوحدك، فهذا أيضاً دليل على وجود القلق وربما يكون لديك مزاج اكتئابي بسيط.

الذي أرجوه منك هو أولاً: أن تفهمي هذا التفسير؛ لأن ذلك سوف يساعدك كثيراً وهو يعتبر نصف العلاج، وبعد ذلك أرجو أن تصري على نفسك وتتواصلي مع الآخرين ولا تبتعدي عن الناس أبداً؛ لأن التواصل مع الناس هو وسيلة من وسائل العلاج والتأهيل التي وجد أنها فعالة جدَّاً.

وعليك أن تتواصلي بالطرق المعروفة كزيارة الأرحام والاتصال بالصديقات، ويا حبذا أيضاً لو بدأت بحضور الدروس المفيدة ولو كان هنالك حلقات لتلاوة القرآن خاصة بالنساء، فإن هذا أيضاً سيكون أمراً عظيماً؛ لأن في ذلك الطمأنينة والتعرف على الأخيار من الناس، وفي نفس الوقت هذا يعطيك أيضاً القوة ومواجهة أي نوع من المخاوف.

نصيحتي لك هي أن تفرغي عما بداخل نفسك؛ لأن الكتمان يؤدي إلى احتقانات نفسية داخلية، خاصة بالنسبة للإنسان الحساس، فكل ما يرضيك أو حتى ما لا يرضيك يجب أن تخرجيه من داخل نفسك وتعبري عمَّا بداخلك أولاً بأول بصورة ذوقية ومهذبة؛ لأن ذلك أيضاً يعطي الشعور بالرضا ويعطي التفريغ النفسي الذي يقلل من التوتر ومن العصبية.

وأنصحك أيضاً بأن تمارسي أي نوع من الرياضة متاح بالنسبة للفتاة المسلمة، وعليك أيضاً بممارسة أي نوع من تمارين الاسترخاء، وهنالك تمارين الاسترخاء هي أيضاً من وسائل العلاج الجيدة والممتازة جدّاً لمثل هذه الحالات، ولممارسة هذه التمارين قومي بالآتي:

(1) الاستلقاء في مكان هادئ والتفكر والتأمل في شيء طيب وجميل، أو الاستماع لشريط من القرآن الكريم بصوت منخفض.. ثم بعد ذلك:

(2) غمض العينين وفتح الفم قليلاً.

(3) أخذ نفس عميق وبطيء من الأنف – وهذا هو الشهيق – حتى يمتلئ الصدر بالهواء وترتفع البطن قليلاً.

(4) مسك الهواء في الصدر لفترة قصيرة.

(5) إخراج الهواء ببطء وقوة عن طريق الفم – وهذا هو الزفير - .

(6) تكرار هذا التمرين خمس إلى ست مرات بمعدل مرتين في اليوم.

أيضاً عليك دائماً أن تكوني متفائلة وأن تنظري إلى ما هو إيجابي في حياتك وأن تعظمي من ذلك، وحين يأتيك الشعور بنتف الشعر أرجو أن تقومي بالضرب على يديك حتى تحسي بالألم.

ربما تستغربين لهذا ولكن هذا التمرين ذو قيمة علمية كبيرة؛ وذلك لأنه من الناحية السلوكية حين يقترن السلوك الغير سوي الذي تعود عليه الإنسان باستشعار مخالف - وهو في هذه الحالة إيقاع الألم على النفس – هنا سوف يؤدي ذلك إلى إضعاف السلوك الأول وهو نتف الشعر في حالتك.

إذن: تفكري وتأملي وتخيلي أنك الآن تقومين بنتف الشعر ثم فجأة قومي بالضرب على يديك على جسم صلب حتى تحسي بالألم.. كرري هذا التمرين ست إلى سبع مرات بمعدل مرتين في اليوم أيضاً وسوف تجدين أنه مفيد جدّاً.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، هنالك عدت علاجات دوائية تفيد كثيراً في مثل هذه الحالات خاصة في القلق والتوتر ونتف الشعر ذو الطابع الوساوسي، كما أن الدواء سوف يؤدي إلى تحسين مزاجك كثيراً ويجعلك تتفاعلين مع الآخرين، وسوف يزيل هذا الخوف - إن شاء الله تعالى - .

من أفضل الأدوية التي جُربت ودرست في هذه الحالات عقار يعرف باسمه التجاري (فافرين Faverin)، ويسمى علمياً (فلوفكسمين Fluvoxamine)، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجرام ليلاً ويجب أن يكون ذلك بعد الأكل، واستمري على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسين مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقفي عن الدواء.

هذا الدواء يتميز بأنه لا يسبب أي آثار جانبية سلبية، كما أنه ليس إدمانياً وليس تعودياً، وهو من الأدوية الفعالة جدّاً.

أرجو تطبيق هذه التمارين السلوكية واتباع كل الإرشادات التي وردت في هذه الرسالة وتناول الدواء المطلوب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

وللمزيد عن علاج حالتك سلوكياً ً يمكنك مراجعة هذه الاستشارات:
( 237993- 236492-247326 )، وعن العصبية : (276143 - 268830 - 226699 - 268701 )، والخوف من الظلام: ( 281104 - 266155 )


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً