الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تشخيص الشكاك والظنان وسوء التأويل وكيفية علاجه

السؤال

السلام عليكم.

دكتور محمد عبد العليم: أشكرك على سرعة تجاوبكم على استشارتي رقم (285793)، وأسأل الله العظيم أن لا يحرمك الأجر.

دكتور محمد وصفت لي لسترال ورزبيدون، وقلت أني أعاني من رهاب بسيط وشخصية ظنانية هي أساس المشكلة - بارك الله فيك - وأرى أنك اقتربت كثيراً من أساس المشكلة، رغم أن العديد من الأطباء الذين زرتهم ذكروا لي بأن معي رهابا، والحقيقة أنني منذ أيام الابتدائية وأنا أتحسس من كلام زملائي وأغضب منهم، وأذهب للمنزل، وأنا أسأل نفسي: ماذا أراد فلان بهذه الكلمة؟ ماذا يعني؟ وقد أسأله في اليوم التالي ماذا تعني؟!

عموماً أنا مللت كثيراً من الأدوية، وأخاف إن بدأت باللسترال والرزبيدون الذي ذكرت أن يسبب لي أعراضا جانبية، وأنا في الأساس كثير النوم لمدة قد تزيد عن 12 ساعة يومياً، لا أدري هل للسيروكسات علاقة بذلك أم لا؟

أنا الآن لا وظيفة لدي، لدي متجر بسيط - والحمد لله - الأمور المادية طيبة، ولكن النوم الكثير لا ينفع، أريد أن أتواجد في متجري لوقت أكثر، وعدم الاعتماد على العمالة في إدارة المحل، أريد أن أتفاعل مع الناس إيجابا في بيعي وشرائي ومعاملتي عموما.

ختاما: هل أبدأ في أخذ العلاج الذي وصفته لي؟ وهل فعلاً سيغير من شخصيتي الشكاكة السريعة النرفزة؟

ملاحظة أخيرة: لا أحب المزاح بالألفاظ الجنسية، حتى ولو ذكر لي شخص أنك وسيم أحرج ويحمر وجهي، وأتحسس من ذلك.

تحياتي لشخصك الكريم، والله يوفقك ويبلغك رمضان، ويصلح منا الظاهر والباطن إنه سميع مجيب الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فجزاك الله خيراً – أخي الكريم – ونشكرك كثيراً على مشاعرك الطيبة نحو ما تقدمه الشبكة الإسلامية ونحو شخصي الضعيف.

من الواضح - كما ذكرت لك – أن مشكلتك الأساسية ليست مع الرهاب، فالرهاب الذي تعاني منه درجته بسيطة جدّاً، ولكن حالة الظنان والتشكك وسوء التأويل الذي تلجأ إليه وهو جزء من شخصيتك – في نظري – هو الذي جعلك تتردد في التعامل مع الناس وتبتعد عنهم.

عموماً الدواء الذي وصفته لك أرجو أن أؤكد لك تماماً أنه دواء سليم جدّاً، وأنه فعال جدّاً، وحالة النوم التي تنتابك هي بالطبع ناتجة من الحالة النفسية ومن التكاسل وعدم الارتياح؛ لأن الإنسان حين يكون لديه علة نفسية لا يحتم على نفسه، ولا يكون ضابطاً لتصرفاته حتى متطلباته البيولوجية مثل الأكل والنوم، فقد مر عليَّ الكثير من الذين يعانون من حالات مشابهة وهم يغرقون في النوم، وبعضهم أيضاً يتناول الطعام بشراهة دون أي ضابط، وهكذا.

إذن: حين تتحسن الحالة النفسية – إن شاء الله تعالى – سوف يتحسن النوم، ولكن في ذات الوقت عليك أن تبذل جهداً في أن تنظم ساعتك البيولوجية، وعليك بممارسة الرياضة، فإن التمارين الرياضية ممتازة جدّاً، ويمكنك أن تتناول كوبا مركزا من القهوة، فإن هذا – كما ذكرنا – يساعد أيضاً كثيراً في الانتباه وفي تقليل النوم.

دواء اللسترال Lustral والرزبريدون Risperidone أدوية سليمة وأدوية جيدة وممتازة، ولا تسبب أي تعود أو أي إدمان، وهي تختلف عن الزيروكسات قليلاً، إلا أن اللسترال ربما يساعد على اليقظة، أو على الأقل لا يؤدي إلى التكاسل أو إلى النعاس وزيادة النوم.

أما بالنسبة للرزبريدون Risperidone فقد وصفته لك بجرعة صغيرة كدواء داعم، ولا أتوقع منه – إن شاء الله تعالى – أي آثار جانبية سلبية، فأرجو ألا تتردد، وأرجو أن تبدأ في تناول الدواء مباشرة، وأسأل الله تعالى أن يجعل لك فيه الخير والنفع والبركة.

واظب على عملك في متجرك، وكن منتجاً ومتطلعاً، فإن هذا نوع من العلاج التأهيلي الضروري جدّاً، ودعوتي لك هي دعوة صادقة جدّاً في أن تحاول الظن بالناس، وحاول أن تحقر الأفكار الظنانية والأفكار الشكوكية وقل لنفسك: (لماذا أنظر في الجانب الآخر من الفكرة؟)، فدائماً حين تأتيك الفكرة الظنانية أو الشكوكية خاطب نفسك أن حسن الظن هو الأحسن وهو الأفضل، وأنت - إن شاء الله – مأجور عليه، ولئن ذلك أنت مأمور به، فقد أمرنا بحسن الظن بالناس، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ))[الحجرات:12]، وقال صلى الله عليه وسلم: (>إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث).

أما عن ما ذكرته أنك لا تتحمل المزاح في الألفاظ الجنسية، فإن هذا أمر عظيم وأمر إيجابي وتُشكر عليه، فإن المزاح في مثل هذه الأمور لا يجوز، والمزاح يخل حقيقة من شخصية الرجل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح والمراء وإن كان صادقاً)، والمزاح يفقد الرجل كيانه الرجولي والكيان الجاد والمنضبط، هذه ليست علة وإنما هي محمدة نزكيك عليها وأمر إيجابي يجب أن تكون عليه.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً