الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتباط الاكتئاب بسوء المنظر .. التشخيص والعلاج

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أعاني من اكتئاب شديد وحزن يلازمني منذ أكثر من 5 سنوات.
فمنذ 4 سنوات كانت حياتي تسير جيداً، وكنت طفلاً وسيماً، لكن مصيبة حصلت وأصبت بعدة أمراض جلدية مثل الجديري وحب الشباب، ومع سوء التغذية أصبح وجهي قبيحاً جداً مملوءاً ببثور كبيرة وصغيرة، كما تغيرت ملامح وجهي، واسود جبيني وظهر به خطوط غريبة، وكل يوم أصبح أقبح من ذي قبل.

والمشكلة لم تقتصر على ذلك فقط، فأنا أشعر أن عائلتي تستعر مني، وزملائي ينفرون مني، وقد تمنيت الموت مرات كثيرة خلال ال5 سنوات الماضية، وأشعر بأن هذا البلاء لن يزول أبداً، علماً بأني والحمد لله أحافظ على الصلاة.
فساعدوني ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ع.ع.ه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
كل عام وأنتم بخير ومبارك لنا ولكم وللجميع المسلمين شهر رمضان المبارك، جعله الله شهر خير وبركة علينا وعليكم.
فلقد حزنت كثيراً أن تصف نفسك بأنك مصاب باكتئاب شديد وحزن يلازمك منذ خمس سنوات، فلا أعتقد أنه في مثل عمرك يوجد في الأصل اكتئاب شديد؛ لأن الاكتئاب هو مرض ما بعد الثلاثين من العمر، ولا نقول إن مزاج الإنسان يظل على نمط واحد أو وتيرة واحدة، فحتى في فترات الطفولة واليفاعة الشباب ربما تأتي نوبات من القلق الاكتئابي والتوتر وشيء من الأحزان، ولكن لا يجوز أبداً أن نصفها بالاكتئاب الشديد.

قصدتُ بذلك أن أقول لك إنني أطلب منك في بداية هذه الرسالة أن تبني مفاهيم جديدة حول نفسك وحول ذاتك، وأول هذه المفاهيم وأول هذه الاعتبارات الجديدة هو أن تعلم أن الذي بك لا يصح أن نصفه باكتئاب وحزن شديد؛ لأن هذه الصفة إذا ألصقها الإنسان بنفسه فسوف تبني في عقله الباطني مفاهيماً أخرى، وبعد ذلك يصعب أن نغيرها أو أن نزيلها أو أن ندخل مفاهيم جديدة.

أنا لا أقلل من شأن شكواك مطلقاً، ولكن أود أن تعلم حقائق علمية ضرورية، فإن الذي بك من الواضح أنه أمر ظرفي، فأنت تتفاعل سلباً مع مظهرك ومن ثم بُنيت لديك اعتقادات أن الآخرين ينفرون منك وأنك لست بمحبوب.

إذن أنت في حاجة لتصحيح مفاهيم كثيرة، فقد تكلمت عما أصابك من أمراض جلدية ومن قُبح في وجهك وغيره.. أقول لك: الجمال – ابني الكريم – هو جمال الخُلُق وجمال الأخلاق، والمظاهر في حد ذاتها ليست مقاساً أبداً على جمال النفس وعلى طيب النفس وعلى الرضا بما في داخل النفس، فأرجو ألا تكون حساساً حول مظهرك، وأرجو أن تحقر هذه الفكرة ولا تطيل النظر إليها كثيراً، وقل لنفسك: هذا أمر قد يكون لي خير، وأنت في الحقيقة رجل والرجل لا يعيبه شيء أبداً مهما كان مظهره، فلماذا أنت تركز على هذا الأمر لهذه الدرجة، فأرجو أن تتجاهل هذا وأن تحقر هذا النوع من التفكير، وأن تبني لنفسك نوعا من الفكر الجديد يقوم على الثقة بالنفس، والثقة بالنفس تأتي أولاً من الثقة بالله ثم بعد ذلك يحس الإنسان بالحيوية ويحس أنه يحب ذاته ويحب نفسه ويقبل نفسه ويسعى لتطوير نفسه، وتطوير النفس في حالتك مطلوب جدّاً وهذا يتم من خلال التركيز على واجباتك الطلابية ومحاولة التميز والإبداع، فاصرف نظرك عن مظهرك واذهب إلى جوهرك، والجوهر هو الخلق والدين، وأنت الحمد لله لديك ذلك، وكذلك الجوهر هو الإبداع وهو التميز في دراستك وفي كل شئون الحياة.

أما بالنسبة لسوء التغذية فإن هذا يمكن أن يعالج إذا كان بك سوء تغذية حقيقي، فحاول أن تنظم طعامك وحاول أن تمارس الرياضة، فإن الرياضة تفتح الشهية نحو الطعام وتجعل الإنسان يستقبل متطلباته الغذائية بصورة صحيحة.
وعليك ألا تكترث لما يقوله الآخرون، وعليك أن تعلم أن هنالك مبالغة كبيرة فيما تعتقده حول ما يقوله الآخرون، فإن هذا مجرد مشاعر، فلماذا لا تكون هذه المشاعر كاذبة ولماذا لا تكون هذه المشاعر غير محقة، فلماذا لا تحقرها ولماذا لا تتفهها؟ ولماذا لا ترفضها؟ فينبغي عليك أن تستبدلها بأفكار مغايرة تماماً وسوف تجد - إن شاء الله تعالى – أن ما كنت تعتقده ليس صحيحاً في الأصل.

أرجو أن تبني علاقات وصداقات مع من ترى أنهم أهلاً للثقة، وهؤلاء الحمد لله موجودون وهم كُثر تجدهم في المساجد وفي قاعات الدراسة وتجدهم في تجمعات الرياضة وتجدهم في تجمعات العمل الخيري، أبحث وابن صداقات مع من يحبونك ويساندونك، وكن فعَّالاً وكن لك وجودك، وارفع من مستوى معرفتك وثقافتك، فإن المعرفة والثقافة والمقدرات تجعل الإنسان يكون له وجوده وحضوره وإثبات ذاته، وهذا يغطي على أي عيوب أخرى مهما كانت.

عائلتك هي عائلتك وأنا على ثقة كاملة أنهم يحبونك وأنهم ينظرون إليك نظرة إيجابية، فإن ذلك مجرد أفكار سلبية بُنيت وتكونت لديك جعلتك تلجأ إلى سوء التأويل، فيجب أن يقف سوء التأويل ويجب أن يتغير.

- أخي الكريم الفاضل: لماذا تتمنى الموت؟! لا يجوز أن يتمنى أحد الموت فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضرٍ أصابه؛ فإن كان لابد فاعلاً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)، فأنت لست في مصيبة، فأنت الحمد لله تسير على قدميك وتتنفس وتتكلم، وتأكل وتشرب، وتروح وتذهب وتأتي، وتؤدي صلواتك، وتحمد الله على هذه النعم الكثيرة، فلماذا تفكر في الموت؟!
إن أمامك -إن شاء الله تعالى- مستقبل عظيم، فانظر إلى الحياة بكل جمالها، وانظر إلى الحياة بكل قوة، وانظر إلى المستقبل بأمل، وأنت في ريعان أيام عمرك وبداياته وأمامك الكثير إن شاء الله تعالى، فحاول أن تتميز بالعلم، وحاول أن تتميز بالدين، وحاول أن تتميز بحسن الخلق؛ فإن هذا يغطي كل عيب مهما كان.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
وبالله التوفيق.
ولمزيد الفائدة عن العلاج السلوكي للاكتئاب يمكنك الوقوف على هذه الاستشارات: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً