الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسائل التي تعين على النجاح في رحلة التحصيل العلمي الجامعي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم جزيل الشكر على جهودكم المباركة، وجعلها الله في ميزان حسناتكم.

لقد تغيرت حياتي كثيراً عما كانت عليه في السابق، لا أقول أنها تغيرت بالمطلق للأسوأ، وأنا أقبل التغيير وأعلم بأنه من سنة الحياة، ونحمد الله على كل حال، ولكن من الغريب أن تتحول نقاط قوتي إلى نقاط ضعف تطاردني في دقائق يومي، فبعد التفوق والإبداع في الدراسة أجد نفسي في مشكلة لها بداية بلا نهاية.

تبدأ المشكلة من الثانوية، قبل شهور قليلة كنت من أوائل مدرستي مبدعة في كل ما أعمل، لدي ابتكارات، وفجأة أجد نفسي في حالة اكتئاب لا رغبة لدي بالدراسة، وتتطور المشكلة في الثانوية فتنقسم ساعات يومي بين بكاء طويل ونوم، كنت لا أستطيع الابتسامة، وفي نهاية الفصل الأول تغيبت عن بعض الامتحانات، وأما ما قدمت فقد نجحت بتميز ولعل ذلك كان بتوفيق من الله وساعات دراسة قليلة وذكاء شديد وهبني إياه الرحمن، لكن المشكلة لم تنته، فقد زاد الوضع سوءاً في الفصل الثاني وتغيبت عن آخر امتحان، ثم أعدت السنة ونجحت بحمد الله ودخلت كلية الهندسة، لكني وعلى مدار ثلاث سنوات لا أجد في نفسي أي رغبة في الدراسة وأصبحت علاماتي بين ناجح على الحافة والرسوب.

آهٍ كم أحن إلى ذلك الشعور بالرضا والفرح كلما أنجزت شيئاً أو حصلت على علامة مرضية أو أحسست بذكائي، كانت عندي بعض العلامات المميزة لكنها نادرة ولا يقاس عليها، كم أتمنى ولم يبق إلا القليل أن يتغير حالي، فماذا أفعل؟

ربما لا بد أن أذكر أني ذهبت في نهاية الفصل الأول من الثانوية إلى راقٍ وأخبرني أني لست محسودة، ومما أنعم الله علي أن زاد إيماني في تلك الأيام وتعلمت تجويد القرآن وقمت بتحفيظ الأطفال رغم دوامي في الجامعة.

ربما أطلت الحديث لكن رغبتي بالتغير تدفعني للكتابة، أيضاً تعرفت على صديقة مشكلتها في الدراسة أكبر من مشكلتي، ورغم ما كان في لكن شعور بالمسئولية دفعني لمحاولة مساعدتها، وأنا كما لا يخفى على أحد طيبة وأحب مساعدة الغير، وفي بعض الأحيان أفضلهم على نفسي.

صديقتي انطوائية وهروبية، وأنا تعبت من ذلك، وأحس بأن صداقتنا تدفعني للوراء، فماذا أفعل؟

بالإضافة إلى ذلك أتمنى أن أصبح أكثر دراية في أمور ديني وأكثر التزاماً وثقافة، فماذا أفعل؟ وكيف أبدأ حياة جديدة وأنجح في تحقيق كل ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Eman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن شعورك بالأزمة يصلح بداية صحيحة للحياة الجديدة التي نرجو أن تكون عامرة بطاعة العظيم الذي وهبك الذكاء؛ لأن العمل بالطاعة لون من الشكر لله، قال تعالى: ((اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ))[سبأ:13]، وبالشكر ينال الإنسان المزيد، قال تعالى: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ))[إبراهيم:7]، وبالشكر تحفظ النعم ((وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ))[النحل:114]، فالشكر جالب للنعم وحافظ للنعم.

ونحن في الحقيقة سعداء بتواصلك مع الموقع، وسعداء بقدرتك على التفوق بحول الله وقوته، ونؤكد لك أن من تفوقت بالأمس تستطيع أن تعود إلى سيرتها الأولى، ونسأل الله لك دوام التوفيق، وهذه بعض الأمور التي تعين على النجاح بعد توفيق ربنا الفتاح، وهي كما يلي:

(1) اللجوء إلى الله، فإن الخير في يديه ومرجع الناس إليه.

(2) الحرص على بر الوالدين وطلب الدعاء منهما والاهتمام بصلة الرحم والإحسان إلى المحتاجين ليكون العظيم في حاجتك، وقد أسعدني مساعدتك للزميلة.

(3) اتخاذ صديقات صالحات متفوقات مع الاحتفاظ بالصديقة المذكورة مع ضرورة تشجيعها على الخروج من عزلتها.

(4) تنظيم الوقت والمذاكرة من البداية، وخير عون على ذلك هو المحافظة على الصلوات.

(5) البعد عن المعاصي لأنها سبب للخذلان، وقد قال مالك للشافعي – رحمهما الله تعالى – لما رأى فيه ذكاء وألمعية: إني أرى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم). وقال الشافعي – رحمه الله -:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال أعلم بأن العلم نــــــور *** ونور الله لا يُهدَى لعاصــــــي

(6) بذل أسباب النجاح ثم التوكل على واهب الفلاح.

(7) حسن الثقة بالله والظن به سبحانه خيراً.

(8) تجنب الوحدة لأن الشيطان مع الواحد أقرب، مع ضرورة معاملة هذا العدو بنقيض قصده.

(9) حصر كل مشكلة في إطارها الزماني والمكاني، واصطحاب معاني النجاح.

(10) الاقتناع بأن الرسوب ليس نهاية المطاف، وأن الناجحين تعرضوا كثيراً لأزمات ونكسات، ولكنهم استفادوا منها واعتبروها محطات في طريق النجاح، ولولا الرسوب لما علم الناس طعم نعمة النجاح.

(11) إصلاح العلاقة مع الله، وسوف يأتيك كل توفيق وخير.

(12) المواظبة على أذكار الصباح والمساء، وتكرار الرقية الشرعية، مع ضرورة الاهتمام بالناحية الشرعية.

(13) تقوى الله في السر والعلانية، والصبر، وقد أحسن من قال:

ألا بالصبر تبلغ ما تريد *** وبالتقوى يلين لك الحديد

ونسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً