الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شاب يريد الزواج من فتاة بلا وثيقة رسمية.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 21 سنة، تعرفت على شاب كان يريد التقدم لخطبتي، لكن بعدما عرض الأمر على والدته رفضت بحكم أنني أسكن في مدينة بعيدة بمسافة 4000 كلم عن مدينة الشخص الذي يريد خطبتي، فبعد محاولات عدة معها لم ترض بقبولي كزوجة لابنها، مع العلم أنها لم ترني ولم تحادثني حتى لتحكم علي هل أصلح زوجة لابنها أم لا؟

والمشكلة أنني أنا وهذا الشاب نحب بعضنا، وقال أنه لا يريد الوقوع في الحرام معي، مع العلم أنه لم يرني يوماً إلا عبر الإنترنت أو محادثاتنا عبر الهاتف كي لا أطيل عليكم، ومؤخراً طلب الزواج مني بدون عقد زواج، فقط يريد أن يأتي لبيتنا ويطلب يدي من أبي ويأتي باثنين من الشهود ويعطيني مهري ثم يدخل بي كزوج شرعي! لكني رفضت هذا الأمر وقلت له أنه زواج غير كامل لأنه غير مثبت رسمياً بعقد شرعي، وفيه ضياع لحقوقي وحقوق أبنائنا، لكنه يقول لي: أنه زواج على السنة وهكذا تزوج الرسول الكريم والصحابة.

أرجوكم أنا حائرة، هل هو فعلاً زواج صحيح؟ فإن كان كذلك فأرجوكم أعطوني أدلة من القرآن والسنة لكي أقتنع، وإن لم يكن صحيحاً فأرجوكم أعطوني أدلة أيضاً لأقدمها له كي يقتنع؛ لأنه قال لي: هذا هو الحل الوحيد الذي أملكه والأمر الآن بين يديك!

فأرجوكم ساعدوني فأنا في دوامة لا يعلمها إلا الله، كل الناس الذين استشرتهم قالوا لي أن هذا الزواج بهذا الشكل دون كتب الكتاب هو كالزنا!

أفيدوني جزاكم الله عني خيراً.

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن هذا الزواج ليس كالزنا كما قالوا، ولكننا لا نقبله لبناتنا وأخواتنا، وأنت عندنا بمنزلة البنت والأخت، وأرجو أن يحاول هذا الشاب إقناع أهله، فإن عجز فليس هناك ما يمنع تسجيل الزواج حفظاً للحقوق ودفعاً للتناكر والخصام وصيانة لنسب الأولاد، وإذا كان الشاب قد ضعف أمام أهله فما الذي يمنع تنصّله وتنكره من الغد.

ولا شك أن وجود الشهود والولي والرضا والقبول وحصول الإعلان كانت أشياء كافية في الأزمنة الماضية ليكون الناس معروفين ومحصورين وموثوقين، فلما أحدث الناس الكذب والتناكر والتَّفلت على الأحكام الشرعية وضعفت عندهم مراقبة الله والخوف منه حصل التشدد في هذا الجانب، وذلك ما اقتضته المصالح الشرعية حفظاً للحقوق وصيانة للأعراض.

وأرجو أن ألفت نظرك إلى أن هذه العلاقة منذ بدايتها لم تخلُ من المخالفات، ونحن في الحقيقة لا نريد للفتاة أن تخطب لنفسها، ولا نرضى بأن تمتد العلاقة في الخفاء حتى ولو كانت مجرد مكالمات أو مراسلات، وننصح كل فتاة تشعر بأن أحد الشباب يميل إليها بأن تدعوه مباشرة لمخاطبة أهلها والمجيء لدارها من الباب، وهذا فيه ضمانات كبيرة لها، وفيه اختبار لصدق رغبة الرجل المتقدم، كما أن هذه الخطوة تتيح لها مشاهدته وهو كذلك ينظر إليها ويتعرف عليها، ويتمكن أولياء الفتاة من التعرف عليه.

ولست أدري كيف تتعمق العلاقة في الخفاء دون حصول الرؤية الشرعية.

وأرجو أن تعلم كل فتاة أن الكلام المعسول يجيده كثير من الناس، ولكن العبرة بالحقائق وبأخلاق الرجل ودينه، وهذا ما لا يعرف بالمكالمات ولا بالمراسلات.

ولست أدري لماذا يخاف من إثبات الزواج في الدوائر الرسمية التي لا يخلو منها بلد إسلامي، وهي من الدوائر التي لا تزال تحتكم لشريعة الله وتحقق النفع والخير للناس؟

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بوقف اتصالات الخفاء، ثم بمطالبة الرجل بإقامة رابطة زوجية كاملة معلنة موثقة، وإلا فعليه أن يبتعد من طريقك، واجتهدي في نسيانه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً