الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات علاجية للتخلص من القلق المصحوب بالخوف الشديد

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر بين الحين والآخر ببعض الأشياء، وأريد تشخيصها وعلاجها، ولكني لا أريد أي علاج يسبب أضرارا سلبية، فقد وجدت (وزغة) في غرفتي فخرجت منها واضطررت للنوم خارج الغرفة لمدة أكثر من شهر، وأشعر بالارتباك وبأن أنفاسي تضيق عندما يوجد حادث سير على الطريق، وتزداد حالتي عندما أرى والجثة ملقاة.

وعندما أذهب إلى أي مكان يكون فيه تجمع (السوق، الملاهي، الزواج) أشعر قبل الذهاب إليه بالنعاس والخمول، وعندما أذهب إلى هذه الأماكن أجد أنني مرتبك قليلاً وأحتاج إلى فترة من الوقت حتى أتكيف مع الوضع، وأقوم بالبحث عن أي شخص من أصدقائي يصاحبني إلى تلك الأماكن، لأنني أشعر بأنه يصعب عليّ الذهاب بمفردي، وأشعر أحياناً بثقل في الضحك، وخاصة في الفترة الصباحية، ولا أحب مخاطبة أي شخص في تلك الفترة.

وأتوتر وأشعر بالقلق كثيراً ولا أستطيع النوم وأقوم بقرض أظافري عندما يحدث أي شيء يسبب لي الحزن، وتجدني أفكر كثيراً وأبالغ في ذلك وتزداد حركتي، وأجد أيضاً أن أذني قد احمرت من شدة التوتر، وتنتابني حالة غضب شديدة عندما أفكر في شيء ما وأسمع شخصاً يتكلم، وأحياناً أشعر بتطاير الأفكار والكلمات وأنسى كل ما قمت بترتيبه.

وكلامي يحتاج إلى بعض الترتيب، فبعدما أتحدث وأنتهي من كلامي أجد أن من حولي لم يفهموا ما أقصده، وأحاول في بعض الأحيان أن أتخيل أنني أمام مجموعة من الناس أتحدث بطلاقة وأنني سوف أقول: كذا وسوف أرد بكذا وبطريقة معينة وأريد تطبيقها، لكن عندما يأتي الواقع فإنه لايمكنني فعل ذلك مطلقاً.

وفي بعض الأحيان القليلة أجد أن ثقتي بنفسي عالية جداً وبخاصة إذا شربت القليل من العسل، ولكن أكثر الوقت أشعر بعدم ثقتي بنفسي، وأشعر بالخوف عندما أشعر بأنه سوف تحصل معي مشاجرة، فعندما أبدأ المشاجرة ولو بالكلام أشعر بأن أنفاسي تضيق وأن قلبي يزداد في دقاته وأن جسمي بدأ يسخن وأفكاري تتلاشى، فما تفسير حالتي؟

أفيدوني وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعاني من قلق نفسي – وهذا هو التشخيص الأساسي –، وهذا القلق تفرع ليشتمل على مخاوف نفسية، أهمها ما يعرف بمخاوف الساحة، وهي عدم القدرة على الذهاب أو عدم الارتياح في الأماكن العامة المعروفة كالأسواق والاحتفالات والتجمعات من هذا القبيل، وكذلك لديك خوف اجتماعي وعدم القدرة على المواجهة في الأماكن الاجتماعية أو المناسبات الاجتماعية، وربما يكون لديك أيضاً درجة خفيفة من الخوف من الأماكن المغلقة.

وأرجو أن لا تنزعج من هذه المسميات، فهي جميعها تأتي تحت القلق النفسي من الناحية التشخيصية وليس أكثر من ذلك، وأما بقية الأعراض التي ذكرتها من أنك تشعر بثقل في الضحك خاصة في فترة الصباح، فهذه الفترة هي التي يكون فيها المزاج مكتئباً بالنسبة لأصحاب القلق، وهذا هو الذي يفسر عدم ارتياحك في هذه الفترة وعدم قدرتك على الضحك بصورة مقبولة.

وأما ما يتعلق بالتوتر فإنه يشير إلى القلق، فالقلق يؤدي إلى التوتر ويؤدي إلى اضطراب النوم ويؤدي إلى الانفعالات السريعة والشعور بالغضب، كما أنه يؤدي إلى عدم التركيز وتشتت الأفكار.

وأما شعورك بالخوف من حصول مشاجرة، فمثل هذه الحالات تؤدي إلى حالة من الاستنفار النفسي في كل موقف يتطلب المواجهة، وهذا الاستنفار النفسي يتأتى عن الشعور بالخوف والشعور بالقلق.

وأما محاولتك في بعض الأحيان أن تتخيل أنك أمام مجموعة من الناس تتحدث بطلاقة، ولكن لم تستطع أن تقوم بذلك، فهذا نوع من العلاج الأساسي ونسميه (العلاج في الخيال)، وأودك أن تقوم بتطبيق هذا العلاج، وذلك بأن تجلس في مكان هادئ وتتصور أنك أمام مجموعة كبيرة من الناس تقوم بالتحدث أمامهم وتتعرض لموضوع معين، وابدأ في عرض هذا الموضوع كأنك في وضع حقيقي، وقم بتسجيل ما سوف تذكره في أثناء العرض، وبعد ذلك استمع لما قمت بتسجيله، فسوف تجد أن أداءك كان طيباً وجيداً بعكس ما تعتقد، وكرر هذا التمرين حسب ما تستطيع، وحبذا لو كررته يومياً لمدة أسبوع أو أكثر.

بعد ذلك تأتي طرق العلاج الأخرى، ومن أهم هذه الطرق هو أن تتفهم طبيعة حالتك، وكما ذكرت لك هي قلق نفسي وليس أكثر من ذلك، فإنك لا تعاني من اكتئاب عميق ولا تعاني من أي أمراض ذهانية أو اضطراب في الشخصية، فعليك أن تقلل من قيمة هذا القلق، وهذا يأتي بالتفحص العقلاني لحالتك، وذلك بأن تعلم أن هذه أمور بسيطة وسوف تكون مثل بقية الناس، فكرر هذه الأفكار السلوكية عدة مرات.

وأما ما يتعلق بالدواء فإنه لا يؤثر على القلب أو الكلى أو الكبد أو أي عضو رئيسي في الجسم، ونحن حريصون أن لا نصف أي دواء يسبب أي أضرار، وهذا هو مبدأنا الدائم، وتوجد عدة أودية لعلاج مثل حالتك، ومن أفضلها عقار يعرف تجارياً (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil) ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، وهو يعمل على تنظيم مادة تعرف باسم (سيروتونين Serotonin) الذي يعتقد أن ضعف إفرازها أو عدم انتظام هذه المادة أو الاضطراب في إفرازها هو الذي يؤدي إلى الإصابة بالقلق والتوتر والاكتئاب وحتى الوساوس.

وهذا الدواء من الأدوية السليمة ويتطلب الالتزام في تناوله، والجرعة التي أود أن أنصحك بتناولها هي أن تبدأ بعشرة مليجرام (نصف حبة) ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراما (حبة واحدة) في اليوم، وذلك لمدة شهر واحد ثم ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم (أربعين مليجرام)، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل ثلاثة أشهر حتى تتوقف عن تناوله.

إذن وضعنا لك العلاج الصحيح بمراحله المعروفة: مرحلة البداية ومرحلة العلاج ومرحلة الوقاية، وهذا الدواء يعمل على تنظيم المادة الكيميائية (سيروتونين Serotonin) – كما ذكرت لك – وهو دواء سليم جدّاً وغير إدماني وغير تعودي ولا يؤثر مطلقاً على الأعضاء الرئيسية كما ذكرت، كما أنه لا يؤثر أيضاً على الأعضاء أو الوظائف الثانوية.

ولابد أن تعلم أن لكل دواء آثاراً جانبية، ولابد أن نكون صادقين في أن نذكرها لك، فإن هذا الدواء ربما يسبب عسراً بسيطاً في الهضم في بداية العلاج؛ لذا نحاول أن ننصح أن تكون البداية بجرعة صغيرة، وأن يتم تناول الدواء بعد تناول الطعام، وهذا يقضي على هذا الأثر الجانبي، وهذا الدواء ربما يؤدي إلى زيادة في الوزن، وهذه الزيادة تكون في الأربعة أشهر الأولى، وهذا يمكن تخطيه بالتحكم في الطعام مع ممارسة الرياضة.

وأيضاً يؤدي إلى تأخير القذف المنوي عند بعض الرجال، وهذا قد يكون جيداً لعلاج حالات سرعة القذف لدى الرجال، ولكن بصفة عامة هذا الدواء لا يؤثر على خصوبة الرجل أو حتى على مقدراته الجنسية، وإن كان الكثير قد أثير حول هذا الموضوع.

وعموماً أطمئنك أنه دواء سليم وأنه دواء فعال ومجرب، فأرجو أن تبدأ في تناوله على بركة الله وعونه، وبانتظامك على هذا الدواء وتطبيقك للإرشادات السابقة سوف تتغير أحوالك وتصبح إيجابية، وعليك بالثقة في نفسك وأن تحاول أن تطور نفسك مهنياً واجتماعياً، فهذه من وسائل التأهيل النفسي الجيدة.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً