الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أعد أستطيع مواصلة الدراسة ولا أريد الانسحاب، فما الح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا امرأة متزوجة منذ ثلاثة عشر عاماً، وليس لدي أولاد، والحمد لله على كل حال، درست في شبابي وتحصلت على دبلوم كيمياء، ثم التحقت بعد الزواج بجامعة إسلامية، حيث تحصلت على بكالوريوس علوم إسلامية في تخصص أصول الفقه، وأتكلم اللغة الفرنسية بطلاقة، كما أن لدي مستوى لا بأس به من اللغة الإنجليزية.

وقد أعجبت مؤخراً بعلم النفس وما استجد من كتب وأشرطة وبرامج تمت بصلة لهذا العلم، وكنت قد تابعت إحدى الحالات مع الشبكة الإسلامية خطوة بخطوة لشخص أعرفه كان مصاباً بالرهاب الاجتماعي، وقد تزوج الآن ورزق ببنت ولله الحمد، وأسأل الله أن يديم فرحته وعافيته.

وقد قررت في السنة الماضية الالتحاق بالجامعة لدراسة هذا العلم، ووصلت للسنة الثانية واقتربت فترة الاختبارات لكن أصبحت تراودني أفكار مثبطة عندما يصيبني الإجهاد، حيث إنني أدرس بمفردي - نظام الانتساب -، علماً بأني أشتغل وأوفر المال بنفسي.

وفي فترة الاختبارات أشعر بضغط في رأسي وتوتر بسبب تراكم المسؤوليات والعمل، حيث أدرس في بيتي في الصباح وأعمل من الظهر حتى العشاء، والاستمرار لمدة سنتين ونصف على هذا الحال ليس بالبسيط؛ والانسحاب من الدراسة ليس بالبسيط كذلك في نظري، فأرجو منكم النصح والإرشاد.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أنك إنسانة طموحة، والإنسان الطموح يجب أن يشجع ويجب أن يحفز، وهذه الأفكار التي أصبحت تراودك ما هي إلا تساؤلات وخواطر وسواسية في نظري، وأرى أن حالة الإحباط والتردد هذه مردها أن طموحك ربما يكون لا حدود له، وحين يكون الطموح قوياً قد يؤدي إلى نتائج عكسية.

وأعرف أنك إن شاء الله سوف تنجزين وسوف تكملين دراستك بإذن الله، ولكن عليك أن تعيدي تقييم نفسك، فأنت لديك قدرات، أنت لديك دبلوم في الكيمياء وبفضل الله تعالى تحصلت على بكالوريوس في العلوم الإسلامية، وتخصصت في الفقه وتجيدين اللغة الفرنسية، ولك رغبة أكيدة في الإلمام بالعلوم النفسية خاصة العلوم السلوكية.

فهذا الرصيد العظيم وهذا الإنجاز الكبير يجب أن لا يحبط، فتحتاجين إلى المزيد من الدافعية والإصرار على ما تودين إنجازه، والشيء المطلوب الآخر هو أن تنظمي وقتك وأن تديري وقتك بصورة جيدة، وأعرف أن التزاماتك كثيرة، ولكنك أهل لذلك إن شاء الله، وأنت حينما كنت بهذا الاختيار كنت على علم تام بأن هذا سوف يسبب لك بعض الضغوط، وهذه الضغوط أراها كنوع من القلق الذي يولد طاقات نفسية يجب أن تكون محفزة بالنسبة لك.

فلا تتراخي أبداً ونظمي وقتك، وعامل العمر ليس بالعامل السلبي، إنما هو بالعامل الإيجابي؛ لأن تعلم العلوم النفسية والعلوم السلوكية بعد أن يكون الإنسان قد طور مقدراته ومهاراته الحياتية والاجتماعية سوف يكون استيعابه وتطبيقه لما تعلمه من علوم سلوكية أفضل وأجدى وأنفع للآخرين.

وبفضل الله تعالى يمكن اكتساب الكثير من المعرفة فيما يخص المجال السلوكي، وتوجد عدة دورات وتوجد مصادر متعددة لاكتساب هذه المعرفة، فكما تعلمين يوجد من تخصص الآن في العلاج السلوكي دون أن تكون لهم خلفية أكاديمية في هذه العلوم، بمعنى أنهم قد تخرجوا من كليات مختلفة، ثم بعد ذلك طورا أنفسهم ومقدراتهم ومهاراتهم في علم النفس.

وأعرف زميلا لي تخرج من كلية الهندسة، والآن هو من المعالجين البارعين فيما يخص أمراض القلق النفسي والخوف والرهاب، وذلك فقط لأنه كانت لديه الرغبة واكتسب بعض المعارف في هذه العلوم، فلا أرى شيئاً يدعوك إلى الإحباط، ولا أودك أبداً أن تنسحبي، بل على العكس يجب أن تصري، وأنت في مثل هذا العمر سوف تكوني أفضل من غيرك من ناحية الاستيعاب ومن ناحية القدرة على تطبيق ما تعلمته في علم النفس والعلوم السلوكية، فاستمري وثابري ولا تترددي، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً