الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموصلات العصبية .. تأثرها وتحكمها في الميول الإنسانية

السؤال

السادة الشبكة الإسلامية السلام عليكم.

1-هل نقص مادة الSerotonin هو المسؤول الوحيد عن الاكتئاب أم أن النواقل العصبية Neurotransmitters الأخرى، مثل الDopamine والNorepinephrine والHistamine تعتبر متورطة أيضاً بمرض الاكتئاب؟ وإذا كانت كذلك، لماذا يتم التركيز على مادة الSerotonin في علاج هذا المرض؟ وهل هذه النواقل هي مسئوله 100% عن هذا المرض؟ ولماذا هنالك العديد من الأدوية تستخدم في علاج هذا المرض؟ والتي هي الرباعية الحلقة Tetracyclic ، مثل دواء Ludiomil ، وثلاثية الحلقة Tricyclic ، مثل دواء Tofranil وAmitriptyline ، ومجموعة الSsri ، مثل Zoloft ,prozac ، وأخرى غيرها؟ ولماذا هنالك أدوية تعمل على الناقل الثاني المسمى Norepinephrine ، حيث تعمل على ناقلين عصبيين؟ وهل تحتوي الثلاثية والرباعية الحلقة والزنكس والباكسيل وCelexa على الكحول؟

2-قرأت في أحد المواقع أن هناك نوعاً من الأدوية تعمل على النواقل الثلاث. Serotonin,dopamine,norepinephrine فهل هذه الأدوية تعمل على كل النواقل بنفس النسبة، وما هو أحسن الأنواع؟

وبالنسبة لهذه النواقل، هل هنالك عمل آخر لها؟ وبالنسبة للميول الانتحارية، هل تناول أدوية الاكتئاب تثير رغبات كامنة مسبقاً للانتحار؟

حيث إن الميول الانتحارية تزداد عندي عند أخذ دواء البروزاك (الفلوكستين)، وبجرعة 40 ملغ يومياً مقسمة على جرعتين، علماً أني لم أقم بأي محاولة انتحار في السابق.

هل عمل أدوية الاكتئاب هي من خلال زيادة كمية السيروتونين، أم إطالة فترة بقائه، أم تقنينه؟

حالتي أحس أنها مستعصية، حيث إني مهووس بالاكتئاب، وتزداد عندي الميول الانتحارية عند أخذ البروزاك، فما هو العلاج؟

3-ما هو الناقل العصبي المسؤول عن العاطفة (الحب)؟ وماذا يحدث للدماغ عند التعرض لصدمة عاطفية؟ وما هو أحسن علاج ديني وطبي لهذه الحالة؟ وما هي الجرعات؟ أرجو ذكر الاسم التجاري والعلمي بالإنكليزي.

4- ما هو الناقل العصبي المسؤول عن الخوف؟ وما هو أحسن علاج للخوف التوهمي؟ بمعنى أني عندما أرى حادثاً مخيفاً يبقى دماغي ينسج آلاف الأفكار الوهمية، وخصوصاً حالات الخوف من الجن والمعوقين، حيث إني أتخيل وجود جن في غرفتي.

فهل حالتي مرضية أم طبيعية؟ وإذا كانت مرضية، فماذا تنصحوني؟ باستعمال دواءStelazine ، أم عقار Xanax ، أم أي دواء آخر؟ أرجو ذكر اسمه العلمي والتجاري باللغة الإنكليزية.

5-من المعروف أن أدوية الذهان Antipsychotics تنقسم إلى قسمين: الPhenothiazines، والNonphenothiazine فهل هناك فرق بين النواقل العصبية التي يعمل عليهما هذان النوعان؟ وما هي طبيعة عمل كلا النوعين؟

عذراً على الإطالة، وتذكروا أن إجاباتكم حسنات في ميزانكم يوم تشخص الأبصار إلى خالقها سبحانه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاشق السيروتونين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً. ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.

فبادئ ذي بدء لا نستطيع أن نقول: إن هنالك مسبباً واحداً للاكتئاب، فنظرية الموصلات العصبية هي واحدة فقط من النظريات البيولوجية، وهنالك نظريات كثيرة، فالمدرسة التحليلية لديها نظريات، والمدرسة الإنسانية لديها نظريات، فلا نستطيع أن نقول ونحن متيقنين اليقين الكامل إن النظرية البيولوجية هي النظرية الصحيحة مائة بالمائة.

بالرغم من ذلك أوضح لك أن المؤشرات قوية جدّاً، أن هذه الموصلات العصبية قد تلعب دوراً أساسياً في الاكتئاب النفسي، وأحد الأدلة هي أن الكثير من الأدوية التي اكتشفت صدفة، وجد أنها تساعد في علاج الاكتئاب، وبعد ذلك تم تحليل هذه الأدوية، واتضح أنها تعمل على هذه الموصلات العصبية.

إذن: السيروتونين Serotonin ليس هو المسئول الوحيد عن الاكتئاب النفسي، ولكنه أهم الموصلات العصبية، والسيروتونين لديه جزئيات كثيرة تصل إلى سبعة أو ثمانية.

المواصلات العصبية الأخرى تلعب دوراً في الاكتئاب أيضاً، خاصة النيورإبفرين Norepinephrine والدوبامين Dopamine ، وكذلك الهستامين Histamine، وكذلك توجد مادة تسمى بالمادة (B/ب)، وجد أيضاً أنها تلعب دوراً في تسبيب الاكتئاب، وكل الأدوية التي تعمل على النورأدرانلين أو النورإبفرين، وتعمل على السيروتونين أو الدوبامين، في نهاية الأمر تكون الخلاصة هي أن إفرازات ثانوية للسيروتونين هي المحطة النهائية التي تعمل من خلالها هذه الأدوية، لذا تم التركيز كثيراً على السيروتونين.

إذن: الناقلات أو الموصلات العصبية لا نستطيع أن نقول: إنها مسئولة مائة بالمائة، هذا الكلام ليس صحيحاً.

الأدوية ذات الحلقات الرباعية أو الثلاثية كما ذكرت لك في نهاية الأمر، تعمل أيضاً من خلال مادة السيروتونين، وإن كانت توجد محطات وسطية لتأثيراتها البيولوجية، بمعنى أنه تحدث إفرازات ثانوية، ولكن الإفراز النهائي هو للسيروتونين أو لأحد مشتقاته. وهذه الأدوية ثلاثية وربعائية الحلقات، وكذلك الزانكس Xanax والباكسيل Paxil لا تحتوي على الكحول.

بالنسبة لسؤالك الثاني: فإن الناقلات العصبية الثلاثة التي ذكرتها، الأدوية لا تعمل عليها بنفس المستوى وبنفس التأثير، فهنالك تفاوت كبير جدّاً بين فعالية هذه الأدوية وتأثيرها على الناقلات العصبية.

بالنسبة لأحسن الأدوية التي تعمل على السيروتونين، هو عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وأفضل دواء يعمل على الدوبامين هو عقار يعرف تجارياً باسم (وليبيوترين Wellbutrin)، ويسمى علمياً باسم (ببربيون Bupropion)، وأحسن عقار يعمل على النيورإبفرين هو عقار يعرف تجارياً باسم (لوديوميل Ludiomil).

هذه النواقل لديها أعمال أخرى، فهي تتحكم لدرجة كبيرة في الشهية للطعام، وكذلك تتحكم لدرجة كبيرة أو تساهم في التحكم في العواطف والوجدان، وكذلك في الرغبة الجنسية، وكل الميول الإنسانية، هذه الموصلات العصبية لها دور، وهذا الدور دور معقد لا نستطيع أن نحدد كيفيته بصورة دقيقة وواضحة.

بالنسبة للميول للانتحار، واستعمال الأدوية مثل الفلوكستين Fluoxetine، هذا الموضوع أثير حوله الكثير والكثير جدّاً، نحن نقول: نعم إنه في بعض الأشخاص ربما تأتي أفكار انتحارية خاصة حين تناول الزيروكسات أو الفلوكستين، هذه أثبتت، ولكن هذه النسبة هي نسبة ضئيلة جدّاً، ويلاحظ أن الذين يتأثرون بهذه الأفكار الانتحارية هم الذين ما دون سن الثامنة عشر، لذا يُنصح أن تستعمل هذه الأدوية بمحاذير في هذه السن.

إحدى النظريات تقول: إن الحركة الكيميائية الشديدة في داخل الجسم التي تنتج من هذه الأدوية، قد تؤدي إلى نوع من القلق الداخلي، وهذا القلق هو الذي يدفع نحو الأفكار الانتحارية، وكما ذكرت لك نسبتها ضئيلة جدّاً جدّاً للدرجة التي لم تعطِّل صرف هذه الأدوية، ولم توضع أي محاذير أساسية لتناول هذه الأدوية، بخلاف أنه يجب الحذر في استعمالها في من هم دون سن الثامنة عشر كما ذكرت لك.

إذا كان البروزاك Prozac يسبب لك ميولاً انتحارياً حقيقياً، فيجب ألا تستعمله، ويكون البديل هو عقار يعرف تجارياً باسم (إفكسر Efexor)، ويعرف علمياً باسم (فنلافاكسين Venlafaxine)، فهو دواء يعرف عنه أنه لا يؤدي إلى هذا الميول مطلقاً؛ لأنه يعمل على السيرتونين، ويعمل على النورأدرنلين في نفس الوقت.

أما سؤالك الثالث: ما هو الناقل العصبي المسئول عن العاطفة والحب؟ لا نستطيع أن نقول: إن هنالك ناقلاً عصبياً مسئولاً عن العاطفة والحب.

هنالك دراسات أشارت أن السيروتونين أيضاً قد يكون مسئولاً عن عواطف المودة والأحزان والأفراح وهكذا، وذلك من خلال عمله على منطقة في المخ تعرف باللوزة.

وأما سؤالك: ماذا يحدث للدماغ عند التعرض لصدمة عاطفية؟ لا شك أن الدماغ يستشعر استشعارات مختلفة تعتمد على شخصية الإنسان، ودرجة صبره وصموده وتجاربه السابقة، وعلى ضوء ذلك يُحضر الدماغ الإنسان للكر أو الفر، أو قد يفتقد الإنسان دفاعاته النفسية بصورة كاملة، مما يؤدي إلى إصابته بانهيار قد يأخذ الطابع الهستيري في بعض الأحيان.

وأما سؤالك عن أحسن علاج ديني وطبي لهذه الحالة وما هي الجرعات؟

أنا لا أفضل الأدوية كثيراً في حالات الصدمات العاطفية؛ لأن الأدوية قد تؤدي إلى تثبيط العواطف، وتثبيط العواطف ليس أمراً مرغوباً، المساندة والاستبصار هما أفضل طرق العلاج الطبي والنفسي لهذه الحالات، ندع الإنسان يتكلم عن تجربته ونسانده ونجعله يستبصر، فالعلاج الطبي في هذه الحالة هو المساندة، وأن نجعل الإنسان يكون أكثر استبصاراً، هذا هو العلاج الأفضل، ونحن حقيقة لن نذكر لك أدوية، لا بالاسم التجاري ولا العلمي؛ لأننا حقيقة لا نفضل استعمال الأدوية في حالات الصدمات العاطفية.

أما بالنسبة للعلاج الديني فهو معروف، وهو الصبر، وإنما الصبر عند الصدمة الأولى كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الاستغفار، والحمد لله تعالى، والشكر، والدعاء، والصلاة، وقراءة القرآن، هذه كلها إن شاء الله تعالى من المعينات الرئيسية لعلاج مثل هذه الحالات.

أما بالنسبة لسؤالك الرابع، نقول: إن السيروتونين أيضاً ربما يكون هو الناقل العصبي المسئول عن الخوف، أما أحسن علاج للخوف التوهمي هو تحقيره، وإدراك أنه توهمي واستبداله بفكرة مضادة له.

أما تخيلك لوجود الجن في غرفتك، فما دمت أنت مدرك أن هذه فكرة ليست صحيحة، فهذه لا تعتبر فكرة مرضية، إنما جزء من التطبع والبيئة الاجتماعية التي شجعت مثل هذه المشاعر، ومرة أخرى نقول لك: إن العلاج هو بتحقير الفكرة والتحصين بالذكر وبقراءة القرآن والدعاء والصلاة.

لا ننصحك باستعمال علاج استلازين Stelazine ؛ لأنه يستعمل لأمراض الفصام، أما الزاناكس Xanax فلا أرى أن هنالك داع لاستعماله في مثل هذه الحالات.

أما بالنسبة لسؤالك الخامس؛ فإن الأدوية المضادة للذهان تنقسم إلى عدة أقسام وليس قسمين، وهي تعمل على عدة ناقلات عصبية أهمها الدوبامين، وكذلك السيروتونين، والآن هنالك حديث عن موصلات ومكونات عصبية أخرى، وعمل هذه الأدوية ليس من الضروري أن يكون من خلال التأثير المباشر على هذه الموصلات، إنما من خلال طرق بيولوجية معقدة جدّاً.

بالنسبة لطبيعة عمل النوعين، فإن الـ Phenothiazines تعمل أساساً على الدوبامين، وليس على أي موصل عصبي آخر، أما المجموعة الأخرى فهي تعمل على مشتقات معينة من الدوبامين، وكذلك على السيروتونين، وربما على النيورإبفرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر وسام حسين محمد

    شفاك ألله وعافاك
    وبشكر الاخ الكريم الدكتور اللي رد عليك...

    اخي الكريم أنت لا تعاني من شى حقيقي وإنما هي وساوس من الشيطان...

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً