السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أم لأربعة أطفال، أكبرهم سبع سنوات وأصغرهم سنة، الكل يشهد لي بالطيبة والحنان، لكني عجزت عن احتواء أطفالي، وأدعو الله كل ليلة أن يحنن قلبي على عيالي.

وأعترف بأني قاسية جداً مع أطفالي، حيث كنت كثيراً ما أضربهم لكني استطعت أن أخفف من الضرب ولله الحمد، لكني لا أميل لملاعبتهم ولا لضمهم ولا حتى الحديث معهم، رغم أن هذا يتعبني جداً وأتعذب وأبكي كثيراً، وبمجرد أن يقابلني أحد أطفالي تنقلب هذه المشاعر بشكل مفاجئ إلى عصبية وصراخ، حتى ضحكهم ولعبهم لا يعجبني رغم أنهم مثل باقي الأطفال، فهل هذا شيء يتعلق بمرض نفسي؟ وما السبب؟

علماً بأن عائلتي الصغيرة فيها أمراض مستعصية مثل الصرع والسرطان، والحمد لله على كل حال، لكني لست أعاني من أي مرض.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن المناهج التربوية تختلف ما بين الأسر، وللناس طباع وشخصيات مختلفة خاصة للأمهات، فهناك من ينتهج المنهج المتساهل في التربية، وهناك من ينتهج المنهج الشديد، وهناك من يكون منهجه متوازناً.

وعموماً فإن تقارب سن الأطفال قد يكون سبباً أساسياً في عدم تحملك لتصرفاتهم، والشيء الأهم من ذلك -والذي استشعرته- أنك ربما تعانين من درجة من الاكتئاب النفسي البسيط، فالاكتئاب يقلل من صبر الإنسان ويقلل من تحمله، يفقده العاطفة والوجدان حيال أبناءه، يفقده استشعار لذة ما هو جميل، وبعد ذلك يجعل الإنسان يحس بالذنب حيال تقصيره.
فأعتقد أنه لديك درجة بسيطة من الاكتئاب وليست درجة شديدة، وحتى نساعدك إن شاء الله أود منك أنت تتناولي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، فهناك عقار يعرف باسم (باكسيل) ويسمى علمياً (باركستين)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام يومياً لمدة شهر، ويفضل تناوله بعد الأكل، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرين مليجرام يومياً – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة – استمري عليها لمدة تسعة أشهر، ثم خفضي الجرعة مرة أخرى إلى عشرة مليجرام يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام مرة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء سوف يفيدك كثيراً، ولا أقول أنك مريضة، ولكن هناك ظاهرة لا نستطيع أن نتجاهلها، وهي عدم تحملك وعدم قدرتك على الصبر وفقدانك لقدراتك النفسية والجسدية وانفعالاتك السلبية، فهذه لا شك أنها انعكاس حقيقي لما هو في وجدانك وهو الاكتئاب النفسي البسيط، وأنا على ثقة كاملة أن هذا الدواء سوف يساعدك كثيراً.

يأتي بعد ذلك أن تفكري في هذه الذرية أنها نعمة عظيمة من الله، استشعري ذلك دائماً، هذا إن شاء الله يجعلك تقللين من انفعالاتك وإثارتك السلبية، وأريدك أن لا تصفي نفسك ولا تنعتيها بأنك قاسية على أطفالك، أنت لست بقاسية، أنت تحاولي جل جهدك، ولكنك افتقدت الطريق التربوي السليم لأن حالتك النفسية سلبية، ونحن نعرف تماماً أن حبك لأطفالك هو حب جبلي وغريزي وفطري لا يمكن أن يتغير، فلا تحسي بالذنب، لا شك أن توقفك عن ضرب أطفالك هذه محمدة عظيمة، والضرب لا يفيد أبداً، الضرب من هذا النوع الضرب في وقت الإثارة والانفعال يهزم الطفل نفسياً ويجعله أكثر عناداً، فلا تلجئي لهذا، الجئي لتحفيز أطفالك ورغبيهم، هذا يفيد كثيراً.

لدي نصيحة أخرى؛ وهي: تحيني وقت نوم أطفالك لتتخذي أنت أيضاً قسطا من الراحة؛ لأن الراحة الجسدية مهمة للإنسان، الأم التي تنهك نفسها جسدياً سوف تُنهك نفسياً، والأم التي تتعب نفسها نفسياً سوف تنهك نفسياً أيضاً. فالراحة تبني لديك طاقات جديدة تجعلك تتحملين تصرفات أطفالك، ولابد لزوجك أيضاً أن يشارك في الأمور التربوية، ولابد أن يكون المنهج الذي تتبعانه واحد في التعامل مع الأطفال.

وجود الأمراض في أسرتك لا أعتقد أنه أمر مهم أو أن العامل الوراثي قد لعب دوراً في ذلك -نسأل الله لهم العافية-، ولكن من الواضح أنك لسبب ما أصبحت تعانين من درجة بسيطة من الاكتئاب وهذا في رأيي نسبة لتقارب سن الأطفال وأنك في بلاد بعيدة يقل فيها ربما التعاضد الأسري والمجتمعي.

وختاماً: نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظ لك أبنائك وأن يجعلهم من الصالحين.
وبالله التوفيق.