الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإصابة بتوتر وصداع عند ممازحة الزملاء لي بمزاح ثقيل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أيها الصرح الجميل! إني من المعجبين بهذا الموقع النادر الذي ينثر كنوز المعرفة في ساحة الطب، وبعد:

فقد استعملت الزيروكسات لمدة تسعة أشهر وتحسنت حالتي، ولكن هناك من يدمر هذا التحسن من بعض الزملاء - هداهم الله - ويأتيني قلق، فإذا عالجت القلق بأحد الأدوية المضادة له، مثل عقار (أنديب)، وهو نفس تركيبة (التربتزون)، يأتيني توتر وصداع، مع علمي بأن مثل هذا العقار يعالج التوتر، وكل هذه الأعراض لا تأتي إلا بعد المزاح الثقيل من بعض الأصدقاء، هذا ما جعلني أتحاشى مخالطتهم، وهم يبحثون عني ويجادلوني، لعلمهم أني سريع الغضب، وهذا يؤنسهم، فانصحوني.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنك قد تحسنت كثيراً على الزيروكسات، فهو من الأدوية الفاعلة والطيبة جداً، وما حدث لك من قلق وتوتر نسبة للتفاعل السلبي الذي يحدث لك في بيئتك مع بعض الذين تخالطهم للدرجة التي جعلتك تتجنبهم، ويجب أن تعرف أن الإنسان وهو كيان اجتماعي لا يستطيع أن يعيش لوحده، كما أنه لا يستطيع أن يسيطر على تصرفات الآخرين.

وفي نفس الوقت أيضاً لا نستطيع أن نفرض قيمنا وأمنياتنا على الآخرين، فلابد أن تكون هنالك درجة من القبول، ولا أقول لك: عش وسط محيط لا يريحك، ولكن أقول لك: يجب أن يكون لك نوعاً من التواؤم ونوعاً من التطبع ونوعاً من المقدرة على التكيف، وهذه أمور مطلوبة، وحين أعرف عيوب إنسان دائماً أتوقعها منه، وهذا لا يجعلني أتصادم مع نفسي جسدياً، الحدث إذا كان مستغرباً يؤدي إلى شعور من الذهول والاستغراب والاستنكار، ولكن الحدث إذا كان معتاداً ومتوقعاً، فهذا يجب أن لا يقلقنا.

ولا يجب أن تكون سيء الظن بالناس، ويجب أن لا تتوقع منهم دائماً الشر، ولكن أعرف أن الناس ليست بشريحة واحدة في تصرفاتهم ومزاجهم أو طباعهم، اجعل لنفسك سعة في خاطرك، وكون مستوعباً لهؤلاء الناس، ولا تتجنبهم أخي الكريم، وفي نفس الوقت يجب أن تعوض وتريح نفسك باختيار الصحبة الطيبة، والحمد لله الخيرين والطيبين والصالحين كثر، ورفقتهم دائماً تعين الإنسان على أمور الدنيا والآخرة، فيا أخي أبحث عن هؤلاء وسوف تجدهم، كما أن مخالطة الخيرين من الناس تساعدنا على تنمية شخصياتنا، وبناء دفاعاتنا النفسية بصورة قوية للدرجة التي تجعلنا نتحمل الآخرين الذين يكثرون من المزاح وهكذا، وهؤلاء الإخوة يبحثون عنك، فأرجو أن لا تصدهم، وكن مستعداً لأن تتقبلهم، فلا تغضب، وطبق ما ورد في السنة المطهرة من الإكثار من الاستغفار، وتغير مكانك، النفث ثلاث مرات على الجهة اليسرى، والصلاة، وقراءة القرآن، هذا كله سوف يفيدك إن شاء الله، وأنصحك أن تمارس الرياضة حتى مع هؤلاء الإخوة الذين لا تريد أن تخالطهم، لا مانع أن يكون هنالك برامج رياضية مشتركة معهم أو مع غيرهم، مثل الجري والمشي ولعب كرة القدم، وهذه تمتص الغضب كثيراً.

أيضاً هناك تمارين تسميها بتمارين الاسترخاء، لابد أن تمارسها، وتوجد أشرطة وكتيبات ممتازة جداً في المكتبات في المملكة العربية السعودية، أرجو الحصول عليها وتطبيق هذه التمارين، أنت الحمد لله لديك عمل، ولا شك أنه لديك تواصل اجتماعي جيد، ولديك التزامات أسرية، هذه كلها نعتبر الاهتمام بها وإتقانها نوع من العلاج النفسي المفيد جداً.

بالنسبة لتناولك للتربتزون، وما يسببه لك من توتر وصداع، ومع أنه من المفترض أن يعالج هذه الحالات، وفي بعض الأحيان بعض الأدوية، وفي حالات قليلة جداً قد تؤدي إلى تفاعل معاكس ومضاد تماماً، مثلاً عقار بروزاك، وهو من الأدوية المعروفة، ومن الأدوية الفاعلة لعلاج الاكتئاب، وتؤدي إلى تحسين المزاج، وهو علاج مفيد للقلق، وكذلك التوتر والوساوس القهرية والمخاوف، ولكن في حالات نادرة قد يؤدي إلى شعور شديد وعجيب، ومن التوتر والعصيبة يجعل الإنسان كالثور الهائج لا يجلس في مكان واحد، وبكل أسف هذا التفاعل حدث مع أحد أصدقائي الذين يثقون بي جداً، وصفة له هذا الدواء وبكل أسف حدث له هذا التفاعل، وبعد ذلك استدركنا وأوقفنا الدواء.

وتعتبر هذه التفاعلات العكسية تحدث من الأدوية، ويقال: إنها معتمد على البناء الكيمياء لدى الإنسان والتوافق الجيني، وهنالك عدة نظريات، فأنا أقول لك: لا داعي أن تستعمل التربتزون، ربما يكون عقاراً من الفلونكسول والديناكسيت، وهي متوفرة في المملكة، وهذه الأدوية بسيطة جداً، وتعالج القلق والتوتر، وغير إدمانية وغير تعودية، يمكن تناوله بمعدل حبة إلى حبتين في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم التوقف عنها، ويمكن بعد ذلك استعمالها عند اللزوم.

وأنت لم توضح إذا كنت مستمراً على الزيروكسات أم لا؟ وأنا أرى أنه بما أنه لديك شيء من الاستعداد للتوتر والقلق، فلا مانع أخي الكريم من أن تستمر حتى على الزيروكسات، حتى ولو بجرعة بسيطة مثل حبة واحدة في اليوم، فهو علاج طيب وسليم، وقد أراحك وأشعرك بالتحسن وأسعدك، فلماذا تتوقف عنه؟! فهذا أيضاً مقترح، فأرجو أن تنظر فيه.

وفي الختام نسأل الله لك الشفاء والعافية، وشكرك كثيراً على ثقتك في موقعك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً