الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المخاوف الظرفية المرتبطة بالنوم وكيفية تجاوزها

السؤال

السلام عليكم.

لدي حالة من التوتر والقلق تزيد بمجرد الدخول في النوم مع خفقان في القلب يزيد عند النوم إلى جانب أني لا أنام بسهولة، بل آخذ وقتاً لكي أنام، والسبب في السابق كنت أخاف من النوم نظراً لأني سمعت عن قصتين عن الوفاة أثناء النوم مما سبب لي الخوف من النوم والقلق لدرجة أني كنت أقوم مفزوعة من النوم بمجرد شعوري بأني بدأت في الدخول في النوم ـ والحمد لله ـ الحالة تحسنت لكن المشكلة في الخفقان والقلق المتلازمان بمجرد الدخول إلى النوم، ولكن النوم أصبح أسهل من السابق ولم أعد أخاف من النوم كما سبق، هل يوجد علاج معرفي سلوكي ودوائي لهذه الحالة؟ وما السبب في استمرار حالة الخفقان مع أن الخوف من النوم قل عن السابق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رواء الإسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى تواصلك معنا في هذا الموقع، ونرحب بك، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

فإن الحالة التي حدثت لك هي نوع من المخاوف الظرفية المرتبطة بالنوم، وقد تحولت إلى قلق وسواسي، وكان الدافع والسبب واضحاً جدّاً وهو القصص التي سمعت عنها والخاصة بحدوث وفيات أثناء النوم.

إذن الرابط النفسي في حالتك واضح جدّاً، وبالرغم من التحسن الكبير الذي طرأ على الحالة، إلا أن الخفقان والقلق لازال يلازمك بمجرد الدخول إلى النوم، وأقول لك إن السبب في ذلك أن الخوف قد انتقل من الشعور إلى اللاشعور، وهذه ظاهرة نفسية معروفة، بمعنى أن الخوف أصبح خوفاً داخلياً مقنعاً، واختفاء الخوف من الشعور أو من الجزء الإرادي لديك هي ظاهرة جيدة وإيجابية جدّاً ونعتبرها خطوة إلى الأمام.. وإن شاء الله هذا العرض الذي تعانين منه الآن سوف يخف ويتلاشى أيضاً بمرور الزمن.

أفضل علاج سلوكي هو أن تقتنعي بأن الحالة هي حالة قلقية، وأن تقنعي نفسك أنه ليس هنالك ما يدعوك أبداً إلى القلق، وأن تركزي جدّاً على أذكار النوم؛ لأن هذه الأذكار باعثة على الطمأنينة، فالإنسان حين يقول (اللهم بك وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)، هذا حقيقة يبعث على الطمأنينة، طمأنينة عظيمة جدّاً تأتي إلى النفس البشرية، وهذا مجرب، وهنالك أدعية كثيرة جدّاً أرجو أن ترجعي إليها من كتاب الأذكار للنووي مثلاً، وهناك كتيبات صغيرة ومطويات لهذه الأذكار، وأرجو أن تتخذيها منهجاً ثابتاً، وفي رأيي سوف تزيل منك - إن شاء الله تعالى – كل هذا الخوف وكل هذا الخفقان الذي تعانين منه.

بقي أن أقول لك أيضاً أن من الوسائل السلوكية الممتازة جدّاً هي التدرب وتطبيق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين كثيرة ومتنوعة، وهنالك كتيبات وأشرطة ووسائط كثيرة توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، ومن أبسط التمارين التي يمكنك تطبيقها هو تطبيق تمرين التنفس المتدرج، وهو يفيد جدّاً في مثل حالتك.. لتطبيق التمرين قومي بالآتي:

(1) فكري في حدث سعيد وأغمضي عينيك وافتحي فمك قليلاً.
(2) خذي نفساً عميقاً جدّاً وبطيئاً عن طريق الأنف.
(3) اجعلي صدرك يمتلأ بالهواء وأمسكي على الهواء في صدرك قليلاً.
(4) أخرجي الهواء بكل قوة وبكل بطء وتدرج عن طريق الفم.

كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وعليك أن تواظبي على هذه التمارين لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، وبعد ذلك طبقي التمرين فقط قبل النوم، وبعده اقرئي الأذكار، وسوف تجدي أنك دخلت في نوم عميق وسليم دون حدوث هذا الخفقان الذي يأتيك.

سيكون أيضاً من المفيد لك جدّاً أن تتناولي أحد الأدوية التي يعرف أنها تساعد في مثل حالتك، الدواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وهو يوجد في عبوتين، عبوة تحتوي على حبة جرعتها عشرة مليجرام، وعبوة أخرى تحتوي عبوتها على حبة جرعتها عشرين مليجراماً، وأنت في حاجة أن تتحصلي على جرعة صغيرة، وهي عشرة مليجرام، ابدئي في تناولها بمعدل نصف حبة (خمسة مليجرام) ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة (عشرة مليجرام) ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء من الأدوية الطيبة والجيدة والسليمة جدّاً، وبجانب هذا الدواء سيكون أيضاً من المفيد لك أن تتناولي جرعة صغيرة من دواء يعرف تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol)، وهو يعتبر دواءً مساعداً ويعرف عنه أنه يتحكم تماماً في الخفقان الذي يعاني منه البعض. تناولي هذا الدواء بجرعة عشرة مليجرام ليلاً ساعتين قبل النوم، واستمري عليه لمدة ثلاثة أشهر، ثم يمكنك أن تتوقفي عن تناوله.

بقي أن أقول أنه من المستحسن أيضاً أن تقومي بإجراء فحص للغدة الدرقية. أنا لا أعتقد أنه لديك زيادة في إفراز هذه الغدة أو حدوث اضطراب في إفرازها، ولكن حتى نطمئن تماماً يفضل إجراء الفحص؛ لأن زيادة إفراز الغدة الدرقية أو اضطرابها كثيراً ما يؤدي إلى القلق وتسارع في ضربات القلب.. أرجو ألا تنزعجي مطلقاً لإجراء هذا الفحص، هو فقط من أجل الجودة ومن أجل أن نطمئن عليك وليس أكثر من ذلك.

ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للمخاوف: ( 262026 - 262698 - 263579 - 265121 ).

والعلاج السلوكي للقلق: (261371 - 263666 - 264992 - 265121 ).
وأذكار وآداب النوم 277975.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً